للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفجر، ثم يسمي كل واحدة منها صلاة، فلا يناقض ذلك قوله: "الإيمان بضع وسبعون شعبة".

وأما قوله: الخبر جعل شهادة الإخلاص من شعب الإيمان، وجعل غيرها أجزاء لها، وهم جعلوا هذه الشهادة إيمانا وغيرها أغيارا لها فبهتت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان بضع وسبعون بابا أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق". فجعل شعب الإيمان المتشعب بضعا وسبعين شعبة لا لشهادة أن لا إله إلا الله.

ومن المحال أن يكون الصيام والصلاة والزكاة والحج أجزاء للشهادة، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلم بالمحال. وأما نحن فلم يقل: أن الشهادة إيمان، بمعنى أنها جميع الإيمان، لكن على أنها أصل الإيمان. ولم يقل: أن سائر الشعب غير الإيمان، كما يقول: أنها غير الشهادة أو غير أصل الإيمان كمالا. يقول: أن كل واحد من الاعتقاد والإقرار غير الإيمان. وأن كنا نقول: أن الاعتقاد غير الإقرار، والإقرار غير الاعتقاد، والله أعلم.

وأما قوله: أن الخبر جعل الإيمان اسما لبضع وسبعين، فلا يجوز أن يسمي أحدهما إيمانا.

فجوابه: أن أحد هذه البضع والسبعين شهادة أن لا إله إلا الله وهي إيمان باتفاق، فكذلك كل واحدة من سائر الشعب إيمان، وإن كان الإيمان في الأصل اسما لبضع وسبعين شعبة، وبالله التوفيق.

قال الرجل: فإن احتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان". قيل لهم: إن صح هذا الخبر لم يجز حمله على الظاهر، لأنه لا يجوز أن يوزن توحيد الرب بمثقال ذرة من خردل، بل لوزن بالدنيا والآخرة لرجحها، وقد جعل الله عقوبة عدم الإيمان عذاب الأبد، فلا يجوز أن يكون كل شيء يزن مثقال حبة من خردل يجعل عقوبة عدمه الخلود في النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>