بنفس مسلمة. فإن قيل: أليس الزكاة تؤخذ من المرتد فتجري عنه قيل: لا تؤخذ زكاة وإنما يؤخذ دينًا لأهل الصدقة ينتفعون بها، ولا تعود على المأخوذ منه وهو كافر، لأنها لا تزكيه ولا تطهره. وما جاء به الكتاب من فضل الجهاد على وجوه:
فمنها التحريض عليه والإشارة على فضله، وضمان الثواب عليه.
ومنها الدلالة على فائدته ومنفعته والتقية على الضرر الذي في التخلف عنه.
ومنها مدح المجاهدين في سبيل الله، والثناء عليهم.
ومنها إعطاء من يقتل في سبيل الله اسم الشهادة. والإخبار بجنانه عنده.
فأما ما جاء في الحث عليه، فقوله عز وجل:{يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار، ومساكن طيبة في جنات عدن، ذلك الفوز العظيم. وأخرى يحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين}. فدلهم على ما للجهاد من عاجل الفائدة وأجلها. فأما العاجل فهو النصر على الإعداد وما يرزقونه من فتح بلادهم، ونعيم أموالهم وأهليهم وأولادهم. وأم الأجل فهو الجنة والنعيم المقيم، فقال عز وجل:{فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف يؤتيه أجرًا عظيمًا}.
وأما ما جاء في الآيات عن فائدة الجهاد والضرر الذي تركه، فمنه قوله عز وجل:{ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض} وأبان أنه لولا دفع الله المشركين بالمؤمنين، وتسليط المؤمنين على دفعهم عن بيضة المسلمين وكسر شوكتهم وتفريق جمعهم لغلب على الأرض، وارتفعت الديانة، فثبت بهذا أن سبب بقاء الدين وإتباع أهله العبادة إنما هو الجهاد، وما كان بهذه المنزلة فحقيق أن يكون من أركان الإيمان، وأن يكون المؤمنون في الحرص عليه في أقصى الحدود والنهايات والله أعلم.