للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مدح الله تعالى المجاهدين، فقد قال الله عز وجل: {والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هو المؤمنون حقًا لهم مغفرة ورزق كريم والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم}. وقال: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله أموالهم وأنفسهم، فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة، وكلا وعد الله الحسنى، وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرًا عظيمًا، درجات منه ومغفرة ورحمة، وكان الله غفورًا رحيمًا}.

وأما إعطاؤه عز وجل اسم الشهادة من قتل في سبيل الله، وذلك على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد قيل معناه: أنهم ثبتوا بما بذلوا عن أنفسهم في سبيل الله إيمانهم وصدقهم وإخلاصهم، واستواء ظواهرهم وبواطنهم في طاعة الله عز وجل. وأصل الشهادة التبيين أو لهذا يصح أن يقال: شهد الله أي بين الله لعباده أنه إلههم ولا إله غيره، بما ألزم خلقه من دلائل الحدث، ووضع في عقولهم من إدراكها والاستبصار بها وقيل شهادة الشهود بينه لذلك. وقيل معنى الشهيد: أنه يكون يوم القيامة بمنزلة الرسل، فيشهد على غيره بمثل ما يشهد الرسول. وهذا أحد تأويل قول الله عز وجل: {وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس}. وقد قال الله عز وجل: {وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم}. والشهيد من تكون له شهادة كما للرسل. وأما حياة الشهيد، فقد نص الله تبارك وتعالى فقال: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون}. {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون}.

فروي في ذلك عن الحسن قال: تغوص الأرزاق على أرواح الشهداء، فتصل إليهم نعمة ذلك وسروره، بما لا يستطاع وصفه بمنزلة قوله: النار يعرضون عليها غدوًا وعشيًا. فالنار تعرض على هؤلاء الكفار فيصل إليهم وجمع ذلك وألمه بما لا يستطاع وصفه.

ومن ذهب أن جملة الإنسان ثلاثة أجزاء. نفس وروح وبدن، فإنه يقول: إن أجزاء الحيوان جعلت متفاوتة في اللطافة والكثافة. فكانت العظام أكثف ما فيها، فجعلت

<<  <  ج: ص:  >  >>