للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن حمد القرعاوي١ إلى منطقة "تهامة" في جنوب المملكة، بعد أن سمع عما كان فيها من الجهل والبدع -شأن كل منطقة يقل فيها الدعاة والمصلحون أو ينعدمون -ونذر نفسه مخلصا على أن يقوم بالدعوة إلى الدين القويم، وتصحيح العقيدة الإسلامية في النفوس، وإلى إصلاح المجتمع وإزاحة ما كان عالقا في أذهان الجهال من اعتقادات فاسدة وخرافات مضلة.

وفي سنة ١٣٥٩هـ قدم شقيق حافظ عمي "محمد بن أحمد" برسالة منه ومن أخيه حافظ يطلبان فيها من الشيخ القرعاوي كتبا في التوحيد، ويعتذران عن عدم القدرة على المجيء إليه لانشغالهما بخدمة والديهما والعناية بشئونهما، كما يطلبان منه -إن كان في استطاعته- أن يتوجه إليهما بقريتهما ليسمعا منه بعض ما يلقي من دروس، وفعلا لبى الشيخ طلبهما وذهب إلى قريتهما، وهناك التقى بحافظ وعرفه عن كثب، وتوسم فيه النجابة والذكاء، وقد صدقت فيه فراسته.

ومكث الشيخ عدة أيام في "الجاضع" ألقى فيها بعض دروسه العلمية التي حضرها مجموعة من شيوخ القرية وشبابها ومن بينهم حافظ الذي كان أصغرهم سنا، لكنه كان أسرعهم فهما وأكثرهم حفظا واستيعابا لما يلقي الشيخ من معلومات، يقول عنه الشيخ عبد الله القرعاوي: "وهكذا جلست عدة أيام في الجاضع، وحافظ يأخذ الدروس وإن فاته شيء نقله من زملائه، فهو على اسمه "حافظ" يحفظ بقلبه وخطه، والطلبة الكبار كانوا يراجعونه في كل ما يشكل عليهم في المعنى والكتابة، لأني كنت أملي عليهم إملاء ثم أشرحه لهم"٢.


١ ولد الشيخ عبد الله القرعاوي -وهو جدي لأمي- في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم من نجد سنة ١٣١٥ هـ وتوفي بمدينة الرياض سنة ١٣٨٩ هـ -رحمه الله تعالى-، وقد كان له الفضل الكبير في النهضة العلمية والأدبية في المنطقة الجنوبية من المملكة "تهامة وعسير"، وكانت لدعوته السلفية الإصلاحية هناك نتائج إيجابية وآثار إصلاحية عظيمة على تلك المنطقة وأبنائها من جميع النواحي الدينية والاجتماعية والثقافية. انظر بحثا عنه وعن دعوته وآثارها كتبته في: مجلة "العرب" التي تصدر في الرياض: "مجلد ٨٠/ ج٧، ٨، ص٥٢٣-٥٣٠".
٢ نقلت هذا من رسالة صغيرة كتبها جدي الشيخ عبد الله القرعاوي بخطه وذكر فيها شيئا موجز عن حياته، أحتفظ بها لدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>