قَتَلَ بِسِحْرِهِ قُتِلَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَتَعَمَّدِ الْقَتْلَ فَهُوَ مُخْطِئٌ, عَلَيْهِ الدِّيَةُ١.
هَذَا وَمِنْ أَنْوَاعِهِ وَشُعَبِهْ ... عَلَمُ النُّجُومِ فَادِرِ هَذَا وَانْتَبِهْ
هَذَا هُوَ الْبَحْثُ الرَّابِعُ وَهُوَ "بَيَانُ أَنْوَاعِهِ":
فَمِنْهَا عِلْمُ التَّنْجِيمِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ: أَعْظَمُهَا مَا يَفْعَلُهُ عَبْدَةُ النُّجُومِ وَيَعْتَقِدُونَهُ فِي السَّبْعَةِ السَّيَّارَةِ وَغَيْرِهَا, فَقَدْ بَنَوْا بُيُوتًا لِأَجْلِهَا وَصَوَّرُوا فِيهَا تَمَاثِيلَ سَمَّوْهَا بِأَسْمَاءِ النُّجُومِ, وَجَعَلُوا لَهَا مَنَاسِكَ وَشَرَائِعَ يَعْبُدُونَهَا بِكَيْفِيَّاتِهَا, وَيَلْبَسُونَ لَهَا لِبَاسًا خَاصًّا وَحِلْيَةً خَاصَّةً وَيَنْحَرُونَ لَهَا مِنَ الْأَنْعَامِ أَجْنَاسًا خَاصَّةً, لِكُلِّ نَجْمٍ مِنْهَا جِنْسٌ زَعَمُوا أَنَّهُ يُنَاسِبُهُ, وَكُلُّ نَجْمٍ جَعَلُوا لِعِبَادَتِهِ أَوْقَاتًا مَخْصُوصَةً كَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ, وَاعْتَقَدُوا تَصَرُّفَهَا فِي الْكَوْنِ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ بِبَابِلَ وَغَيْرِهَا, وَإِيَّاهُمْ خَاطَبَ فِيمَا حَكَى اللَّهُ عنهم متحديا لهم مُبَيِّنًا سَخَافَةَ عُقُولِهِمْ وَضَلَالَ قُلُوبِهِمْ, قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ، فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ، فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ، فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [الْأَنْعَامِ: ٧٥-٧٨] إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ.
وَمِنْهَا مَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَكْتُبُ حُرُوفَ أَبِي جَادَ وَيَجْعَلُ لِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا قَدْرًا مِنَ الْعَدَدِ مَعْلُومًا, وَيُجْرِي عَلَى ذَلِكَ أَسْمَاءَ الْآدَمِيِّينَ وَالْأَزْمِنَةَ وَالْأَمْكِنَةَ وَغَيْرَهَا, وَيَجْمَعُ جَمْعًا مَعْرُوفًا عِنْدَهُ, وَيَطْرَحُ مِنْهَا طَرْحًا خَاصًّا, وَيُثْبِتُ إِثْبَاتًا خَاصًّا وَيَنْسِبُهُ إِلَى الْأَبْرَاجِ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ أَهِلِ الْحِسَابِ, ثُمَّ يَحْكُمُ عَلَى تِلْكَ الْقَوَاعِدِ بالسعود والنحوس وغيرهما مِمَّا يُوحِيهِ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ, وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يُغَيِّرُ الِاسْمَ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ بِذَلِكَ, وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُمْ إِنْ جَمَعَهُمْ بَيْتٌ لَا
١ ابن كثير "١/ ١٥٢، ١٥٣".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute