للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَظْهُرِنَا! فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا فَمَا بَالُ فُلَانٍ لَطَمَ وَجْهِي؟ فَقَالَ: "لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟ " فَذَكَرَهُ. فَغَضِبَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى رؤي فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ: "لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ من في السموات ومن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ, ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ, فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ أَمْ بُعِثَ قَبْلِي؟ وَلَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى" ١, وَلَهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى" ٢. وَلَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أن يقول أَنْ خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى" ٣. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ, يَعْنِي اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: "لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ لِي" ٤ الْحَدِيثَ.

قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ" جَوَابُهُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ.

أحدها أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاله قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ, فَلَمَّا عَلِمَ أَخْبَرَ بِهِ.

وَالثَّانِي: قَالَهُ أَدَبًا وَتَوَاضُعًا.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيصِ الْمَفْضُولِ.


١ البخاري "٥/ ٧٠" في الخصومات، باب ما يذكر في الأشخاص والخصومة بين المسلم واليهودي، وفي الأنبياء، باب وفاة موسى وذكره بعده، وباب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ، وفي الرقاق، باب نفخ الصور، وفي التوحيد، باب في المشيئة، والإرادة وقول الله تعالى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} . ومسلم "٤/ ١٨٤٣/ ح٢٣٧٣" في الفضائل، باب من فضائل موسى عليه السلام.
٢ البخاري "٦/ ٤٥٠" في الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ، وباب "هل أتاك حديث موسى"، وفي تفسير سورة الأنعام، باب قوله تعالى: {وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} وفي التوحيد، باب ذكر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وروايته عن ربه، ومسلم "٤/ ١٨٤٦/ ح٢٣٧٧" في الفضائل، باب في ذكر يونس عليه السلام.
٣ البخاري "٦/ ٤٥١" في الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ، وفي تفسير سورة النساء، وفي تفسير سورة الأنعام، وفي تفسير سورة الصافات.
٤ مسلم "٤/ ١٨٤٦/ ح٢٣٧٦" في الفضائل، باب في ذكر يونس عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>