للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فَاطِرٍ: ٤٤] .

وَقَوْلُهُ مَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْدَمُ خَلْقَهُ إِلَخْ أَيْ لَمْ يَقُلِ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ يَعْدَمُهُمُ الْعَدَمَ الْمَحْضَ وَيَأْتِي بِغَيْرِهِمْ, وَلَا إِنَّ الْمُثَابَ غَيْرُ مَنْ عَمِلَ الطَّاعَاتِ فِي الدُّنْيَا وَلَا إِنَّ الْمُعَذَّبَ غَيْرُ مَنْ مَرَدَ عَلَى الْمَعَاصِي {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النِّسَاءِ: ٤٠] {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فُصِّلَتْ: ٤٦] {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غَافِرٍ: ٣١] بَلْ قَالَ تَعَالَى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: ٥٥] فَالَّذِينَ خَلَقَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ هُمُ الَّذِينَ أَعَادَهُمْ فِيهَا, وَهُمُ الَّذِينَ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا, لَيْسُوا غَيْرَهُمْ كَمَا يَقُولُ الزَّنَادِقَةُ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَتَخْرُجُونَ مِنَ الْأَصْوَاءِ وَمِنْ مَصَارِعِكُمْ"١ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ غَيْرُكُمُ الَّذِي يَخْرُجُ.

وَالْكَلَامُ فِي هَذَا الْبَابِ يَطُولُ جِدًّا, وَالنُّصُوصُ فِيهَا لَا تُحْصَى كَثْرَةً, وَإِنَّمَا أَشَرْنَا إِلَى بَعْضٍ مِنْ كُلِّ وَدَقٍ مِنْ جَلٍّ وَقَطْرَةٍ مِنْ بَحْرٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّعْلِيقِ عَلَى الْأَبْيَاتِ الَّتِي سُقْنَا مِنْ نُونِيَّةِ ابْنِ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ غَايَةِ الِاخْتِصَارِ وَالْإِيجَازِ, وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَلْنَرْجِعْ إِلَى شَرْحِ أَبْيَاتِ الْمَتْنِ الْمَذْكُورِ.

[الْإِيمَانُ: بِالنَّفْخِ فِي الصُّورِ] :

وَبِقِيَامِنَا بِنَفْخِ الصُّورِ أَيْ وَكَمَا يَدْخُلُ فِي الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الْمَوْتُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَنَعِيمِهِ أَوْ عَذَابِهِ وَبِاللِّقَاءِ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَالْقِيَامِ مِنَ الْقُبُورِ, كَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْإِيمَانُ بِالصُّورِ وَالنَّفْخِ فِيهِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ سَبَبَ الْفَزَعِ وَالصَّعْقِ وَالْقِيَامِ مِنَ الْقُبُورِ, وَهُوَ الْقَرْنُ الَّذِي وَكَّلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إِسْرَافِيلَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّفْخَ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ, كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ


١ تقدم تخريجه, وأن سنده ضعيف لمجاهيل ثلاثة فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>