للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثُ الْهِجْرَةِ:

وَبَعْدَ أَعْوَامٍ ثَلَاثَةٍ مَضَتْ ... مِنْ بَعْدِ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ وَانْقَضَتْ

أُوذِنَ بِالْهِجْرَةِ نَحْوَ يَثْرِبَا ... مَعَ كُلِّ مُسْلِمٍ لَهُ قَدْ صَحِبَا

"وَبَعْدَ أَعْوَامٍ ثَلَاثَةٍ" وَقِيلَ خَمْسَةٍ, وَقِيلَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَقِيلَ أَكْثَرُ, وَهَذَا الَّذِي فِي الْمَتْنِ هُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الثَّلَاثَةِ الْأُصُولِ١, وَلَهُ فِيهِ سَلَفٌ, وَلَيْسَتْ مَسْأَلَةُ التَّارِيخِ اعْتِقَادِيَّةً فِي هَذَا الْبَابِ, وَالْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ فَلَا تَأْثِيرَ لِاخْتِلَافِ أَهْلِ السِّيَرِ فِي تَارِيخِهِ وَتَعْيِينِ سُنَّتِهِ وَوَقْتِهِ. غَيْرَ أَنَّ الرَّاجِحَ فِيهِ كَوْنُهُ بَيْنَ عَاشِرِ الْبِعْثَةِ وَبَيْنَ هِجْرَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ, وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَدْرَكَتْ فَرِيضَةَ الصَّلَوَاتِ٢ فَالْمِعْرَاجُ فِي سَنَةِ عَشْرٍ أَوْ قَبْلَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهَا تُوُفِّيَتْ هِيَ وَأَبُو طَالِبٍ فِي ذَلِكَ الْعَامِ٣.

"أُوذِنَ بِالْهِجْرَةِ" أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا "نَحْوَ يَثْرِبَ" وَهِيَ الْمَدِينَةُ الْمُنَوَّرَةُ "مَعَ كُلِّ مُسْلِمٍ" فِي ذَاكَ الزَّمَنِ "لَهُ قَدْ صَحِبَا" عَلَى الْإِسْلَامِ, وَكَانَتْ هِجْرَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنَ الْبَعْثَةِ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً.

قَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَرْبَعِينَ سَنَةً, فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ, ثُمَّ أُمِرَ


١ الأصول الثلاثة للإمام العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله "ص٨".
٢ الصحيح أن خديجة رضي الله عنها لم تدرك فريضة الصلاة وهو قول عروة بن الزبير ابن أختها رضي الله عنهم جميعا "انظر دلائل النبوة للبيهقي ٢/ ٣٥٢" وقد ذكر ذلك يعقوب بن سفيان عن عائشة رضي الله عنها.
٣ انظر دلائل النبوة للبيهقي "٢/ ٣٥٢" والخلاف في الفرق بين وفاة خديجة وعم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>