للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ, وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ" ١ الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّفْيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ لِمُطْلَقِ الْإِيمَانِ بَلْ لِكَمَالِهِ هُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنَ النُّصُوصِ الَّتِي صَرَّحَتْ بِتَسْمِيَتِهِ مُؤْمِنًا وَأَثْبَتَتْ لَهُ أُخُوَّةَ الْإِيمَانِ, وَأَبْقَتْ لَهُ أَحْكَامَ الْمُؤْمِنِينَ.

"إِلَّا مَعَ اسْتِحْلَالِهِ لِمَا جَنَى" هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ, وَهُوَ أَنَّ عَامِلُ الْكَبِيرَةِ يُكَفَّرُ بِاسْتِحْلَالِهِ إِيَّاهَا بَلْ يُكَفَّرُ بِمُجَرَّدِ اعْتِقَادِهِ بِتَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَوْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُكَذِّبًا بِالْكِتَابِ وَمُكَذِّبًا بِالرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَلِكَ كُفْرٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. فَمَنْ جَحَدَ أَمْرًا مُجْتَمَعًا عَلَيْهِ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ.

[٦ - التَّوْبَةُ فِي حَقِّ كُلِّ فَرْدٍ إِذَا اسْتُكْمِلَتْ شُرُوطُهَا مَقْبُولَةٌ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ] :

وَتُقْبَلُ التَّوْبَةُ قَبْلَ الْغَرْغَرَهْ ... كَمَا أَتَى فِي الشِّرْعَةِ الْمُطَهَّرَهْ

هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَهِيَ أَنَّ التَّوْبَةَ إِذَا اسْتُكْمِلَتْ شُرُوطُهَا مَقْبُولَةٌ مِنْ كُلِّ ذَنَبٍ كُفْرًا كَانَ أَوْ دُونَهُ, وَقَدْ دَعَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَيْهَا جَمِيعَ عِبَادِهِ فَدَعَا إِلَيْهَا مَنْ قَالَ: الْمَسِيحُ هُوَ اللَّهُ, وَمَنْ قَالَ: هُوَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ, وَمَنْ قَالَ: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ, وَمَنْ قَالَ: إِنِ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ, وَمَنْ دَعَا لِلَّهِ الصَّاحِبَةَ وَالْوَلَدَ فَقَالَ لَهُمْ جَمِيعًا {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الْمَائِدَةِ: ٧٤] .

وَدَعَا إِلَيْهَا مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مُحَادَّةً لِلَّهِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهُوَ مَنْ قَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى مَا


١ البخاري "٥/ ١١٩" في المظالم، باب النهبى بغير إذن صاحبه، وفي الأشربة في فاتحته، وفي الحدود، باب الزنا وشرب الخمر، وفي المحاربين، باب إثم الزناة، ومسلم "١/ ٧٦/ ح٥٧" في الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>