الْكَلَامُ عَلَى خِصَالٍ سِتٍّ فِي نَفْيِهَا إِيمَانٌ بِالْقَدَرِ:
لَا نَوْءَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَ وَلَا ... عَمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى حِوَلَا
لَا غَوْلَ لَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ ... كَمَا بِذَا خَبَّرَ سَيِّدُ الْبَشَرِ
هَذَانِ الْبَيْتَانِ مِنْ تَتِمَّةِ بَحْثِ الْقَدَرِ فَإِنَّ نَفْيَ هَذِهِ الْخِصَالِ السِّتِّ وَمَا فِي مَعْنَاهَا إِيمَانٌ بِالْقَدَرِ وَتَوَكُّلٌ عَلَى خَالِقِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ, الَّذِي بِيَدِهِ النَّفْعُ وَالضُّرُّ, وَاعْتِقَادُ صِحَّةِ شَيْءٍ مِنْهَا شِرْكٌ مُنَافٍ لِلتَّوْحِيدِ أَوْ لِكَمَالِهِ, مُنَاقِضٌ لِلتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْهُ.
الْكَلَامُ عَلَى النَّوْءِ:
فَأَمَّا النَّوْءُ فَهُوَ مِنَ الِاعْتِقَادِ فِي النُّجُومِ الَّذِي سَبَقَ بَسْطُ الْقَوْلِ فِي بَيَانِ بُطْلَانِهِ فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ لِمَطَالِعَ الْكَوَاكِبَ وَمَغَارِبِهَا وَسَيْرِهَا وَانْتِقَالِهَا وَاقْتِرَانِهَا وَافْتِرَاقِهَا تَأْثِيرًا فِي هُبُوبِ الرِّيَاحِ وَسُكُونِهَا, وَفِي مَجِيءِ الْمَطَرِ وَتَأَخُّرِهِ, وَفِي رُخْصِ الْأَسْعَارِ وَغَلَائِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَإِذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنَ الْحَوَادِثِ نَسَبُوهُ إِلَى النُّجُومِ فَقَالُوا: هَذَا بِنَوْءِ عُطَارِدَ أَوِ الْمُشْتَرِي أَوِ الْمِرِّيخِ أَوْ كَذَا أَوْ كَذَا.
وَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَكْذَبَهُمْ بِمَا أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الرُّومِ: ٤٨-٥٠] وَقَالَ تَعَالَى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute