للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ: "أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ -الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ- أَنْ تُضِلَّنِي, أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ" ١.

وَمِنْهَا إِنَّ كُلًّا لَهُ أَجْلٌ مَحْدُودٌ وَأَمَدٌ مَمْدُودٌ يَنْتَهِي إِلَيْهِ لَا يَتَجَاوَزُهُ وَلَا يُقَصِّرُ عَنْهُ, وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى جَمِيعَ ذَلِكَ بِعِلْمِهِ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ, وَجَرَى بِهِ الْقَلَمُ بِأَمْرِهِ يَوْمَ خَلْقِهِ, ثُمَّ كَتَبَهُ الْمَلَكُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِأَمْرِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ تَخْلِيقِ النُّطْفَةِ فِي عَيْنِهِ, فِي أَيِّ مَكَانٍ يَكُونُ وَفِي أَيِّ زَمَانٍ فَلَا يُزَادُ فِيهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ وَلَا يُغَيَّرُ وَلَا يُبَدَّلُ عَمَّا سَبَقَ بِهِ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَجَرَى بِهِ قَضَاؤُهُ وَقَدَرُهُ, وَأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ حُرِقَ أَوْ غَرِقَ أَوْ بِأَيِّ حَتْفٍ هَلَكَ بِأَجَلِهِ لَمْ يَسْتَأْخِرْ عَنْهُ وَلَمْ يَسْتَقْدِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَنَّ ذَلِكَ السَّبَبَ الَّذِي كَانَ فِيهِ حَتْفُهُ هُوَ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَقَضَاهُ عَلَيْهِ وَأَمْضَاهُ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْهُ وَلَا مَحِيصَ عَنْهُ وَلَا مَفَرَّ لَهُ وَلَا مَهْرَبَ وَلَا فِكَاكَ وَلَا خَلَاصَ, وَأَنَّى وَكَيْفَ وَإِلَى أَيْنَ وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا} [آلِ عِمْرَانَ: ١٤٥] الْآيَةَ, وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: ١٥٤] الآيات وَقَالَ تَعَالَى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النِّسَاءِ: ٧٨] وَقَالَ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الْأَنْعَامِ: ٦١] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الْأَعْرَافِ: ٣٤] فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ, وَقَالَ تَعَالَى: {كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} [الرَّعْدِ: ٢] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى} [طه: ١٢٩] وَقَالَ تَعَالَى: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرَّعْدِ: ٨] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ


١ رواه البخاري "١٣/ ٣٦٨" في التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، ومسلم "٤/ ٢٠٨٦/ ح٢٧١٨" في الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل، ومن شر ما لم يعمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>