[[الفصل الثاني توحيد الطلب والقصد]]
فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ نَوْعَيِ التَّوْحِيدِ وَهُوَ تَوْحِيدُ الطَّلَبِ وَالْقَصْدِ وَأَنَّهُ مَعْنَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
هَذَا وَثَانِي نَوْعَيِ التَّوْحِيدِ ... إِفْرَادُ رَبِّ الْعَرْشِ عَنْ نَدِيدِ
أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ إِلَهًا وَاحِدَا ... مُعْتَرِفًا بِحَقِّهِ لَا جَاحِدَا
"هَذَا" أَيِ: الْأَمْرُ وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَحْقِيقِ النَّوْعِ الْأَوَّلِ مِنْ نَوْعَيِ التَّوْحِيدِ "وَثَانِي نَوْعَيِ التَّوْحِيدِ" هُوَ "إِفْرَادُ رَبِّ الْعَرْشِ عَنْ نَدِيدٍ" شَرِيكٍ مُسَاوٍ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ هُوَ "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ" سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى "إِلَهًا" حَالٌ مِنْ لَفْظِ الْجَلَالَةِ "وَاحِدًا" لَا شَرِيكَ لَهُ فِي إِلَهِيَّتِهِ كَمَا لَا شَرِيكَ لَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ, فَإِنَّ تَوْحِيدَ الْإِثْبَاتِ هُوَ أَعْظَمُ حُجَّةٍ عَلَى تَوْحِيدِ الطَّلَبِ وَالْقَصْدِ الَّذِي هُوَ تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ, وَبِهِ احْتَجَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ عَلَى وُجُوبِ إِفْرَادِهِ تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ لِتَلَازُمِ التَّوْحِيدَيْنِ, فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَهًا مُسْتَحِقًّا لِلْعِبَادَةِ إِلَّا مَنْ كَانَ خَالِقًا رَازِقًا مَالِكًا مُتَصَرِّفًا مُدَبِّرًا لِجَمِيعِ الْأُمُورِ حَيًّا قَيُّومًا سَمِيعًا بَصِيرًا عَلِيمًا حَكِيمًا مَوْصُوفًا بِكُلِّ كَمَالٍ مُنَزَّهًا عَنْ كُلِّ نَقْصٍ, غَنِيًّا عَمَّا سِوَاهُ, مُفْتَقِرًا إِلَيْهِ كُلُّ مَا عَدَاهُ, فَاعِلًا مُخْتَارًا لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَلَا رَادَّ لِقَضَائِهِ وَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ, وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ, وَهَذِهِ صِفَاتُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- لَا تَنْبَغِي إِلَّا لَهُ وَلَا يَشْرَكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ. فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ إِلَّا هُوَ وَلَا تَجُوزُ لِغَيْرِهِ, فَحَيْثُ كَانَ مُتَفَرِّدًا بِالْخَلْقِ وَالْإِنْشَاءِ وَالْبَدْءِ وَالْإِعَادَةِ لَا يَشْرَكُهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ وَجَبَ إِفْرَادُهُ بِالْعِبَادَةِ دُونَ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute