للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَرْتَبَةُ الْإِيمَانِ] :

"وَالْإِيمَانِ" هَذِهِ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ, وَالْإِيمَانُ لُغَةً: التَّصْدِيقُ, قَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ لِأَبِيهِمْ: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يُوسُفَ: ١٧] يَقُولُ: بِمُصَدِّقٍ, وَأَمَّا فِي الشَّرِيعَةِ فَلِإِطْلَاقِهِ حَالَتَانِ:

"الْحَالَةُ الْأُولَى" أَنْ يُطْلَقَ عَلَى الْإِفْرَادِ غَيْرَ مُقْتَرِنٍ بِذِكْرِ الْإِسْلَامِ, فَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِهِ الدِّينُ كُلُّهُ, كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الْبَقَرَةِ: ٢٥٧] وَقَوْلِهِ: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: ٦٨] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الْحَدِيدِ: ١٦] وَقَوْلِهِ: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [إِبْرَاهِيمَ: ١١] {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الْمَائِدَةِ: ٢٣] وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ" ١؛ وَلِهَذَا حَصَرَ اللَّهُ الْإِيمَانَ فِيمَنِ الْتَزَمَ الدِّينَ كُلَّهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الْأَنْفَالِ: ٢-٤] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [النُّورِ: ٦٢] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ، تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السَّجْدَةِ: ١٥-١٧] وَفَسَّرَهُمْ بِمَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الم


١ رواه النسائي "٥/ ٢٣٣، ٢٣٤" في الحج، باب قوله عز وجل: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِد} بهذا اللفظ, وهو قطعة من حديث طويل أخرجه البخاري "١/ ٤٧٧" في الصلاة، باب ما يستر من العورة, و"٣/ ٤٨٣" في الحج، باب لا يطوف بالبيت عريان، وغيرهما, ومسلم "٢/ ٩٨٢/ ح١٣٤٧" في الحج، باب لا يحج البيت مشرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>