للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ رَبُّكَ} الْآيَةَ. وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ آثَارِ الصَّحَابَةِ. وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْوَابِلُ الصَّيِّبُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَمَّا كَانَ النَّاسُ ثَلَاثَ طَبَقَاتٍ طَيِّبٌ لَا يَشُوبُهُ خَبَثٌ وَخَبِيثٌ لَا طِيبَ فِيهِ، وَآخَرُونَ فِيهِمْ خَبَثٌ وَطِيبٌ, كانت دورهم ثلاثا دَارُ الطَّيِّبِ الْمَحْضِ وَدَارُ الْخَبِيثِ الْمَحْضِ -وَهَاتَانِ الدَّارَانِ لَا تَفْنَيَانِ- وَدَارٌ لِمَنْ مَعَهُ خَبَثٌ وَطِيبٌ وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي تَفْنَى وَهِيَ دَارُ الْعُصَاةِ, فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى فِي جَهَنَّمَ مِنْ عُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ أَحَدٌ, فَإِنَّهُمْ إِذَا عُذِّبُوا بِقَدْرِ جَزَائِهِمْ أُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ فَأُدْخِلُوا الْجَنَّةَ وَلَا يَبْقَى إِلَّا دَارُ الطَّيِّبِ الْمَحْضِ وَدَارُ الْخَبِيثِ الْمَحْضِ١ انْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

فَصْلٌ: [مَا قَالَتْهُ الْيَهُودُ فِي النَّارِ]

قَالَتِ الْيَهُودُ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ إِنَّ النَّارَ يَدْخُلُهَا قَوْمٌ مِنَ الْكُفَّارِ وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا بَعْدَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَخْلِفُهُمْ آخَرُونَ كَمَا قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَنْهُمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ, إِذْ يَقُولُ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [الْبَقَرَةِ: ٨٠] ثُمَّ رَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الْبَقَرَةِ: ٨٠-٨٢] وَقَالَ تَعَالَى: فِي آلِ عِمْرَانَ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ فَكَيْفَ إِذَا


١ الوابل الصيب ص٢٦ وأما خروج الموحدين من النار فهو قول أهل السنة والجماعة بآيات وأحاديث عدة مشهورة, وابن القيم رحمه الله وشيخه ابن تيمية لهما قول في فناء النار وقيل إن أقوالهما قد تضاربت واختلفت والنص هذا في الوابل منها انظر رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار للأمير الصنعاني, بتحقيق الشيخ الألباني ففيها الغنية لك.

<<  <  ج: ص:  >  >>