فَصْلٌ: فِيمَا جَاءَ فِي الْحَوْضِ وَالْكَوْثَرِ
وَحَوْضُ خَيْرِ الْخَلْقِ حَقٌّ وَبِهِ ... يَشْرَبُ فِي الْأُخْرَى جَمِيعُ حِزْبِهِ
وَحَوْضُ خَيْرِ الْخَلْقِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَقٌّ لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَبِهِ بِالْحَوْضِ يَشْرَبُ أَيْ يُرْوَى وَلِذَا عُدِّيَ بِالْبَاءِ دُونَ مَنْ لتضمن الشرب ههنا مَعْنَى الرَّيِّ فِي الْأُخْرَى أَيْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَجَمِيعُ حِزْبِهِ وَهُمْ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أَنْزَلَهُ مَعَهُ, قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الْكَوْثَرِ]
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ فِي الْكَوْثَرِ هُوَ الْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ, قَالَ أَبُو بِشْرٍ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ سَعِيدٌ النَّهْرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ الله إياه١ اهـ
وَقَدْ وَرَدَ فِي ذِكْرِ الْحَوْضِ وَتَفْسِيرِ الْكَوْثَرِ بِهِ وَإِثْبَاتِهِ وَصَفْتِهِ مِنْ طُرُقِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتَهَرَ، وَاسْتَفَاضَ بَلْ تَوَاتَرَ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ مِنَ الصِّحَاحِ وَالْحِسَانِ وَالْمَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ فَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَحَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ وَجُنْدَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَعَائِشَةُ وَعَقَبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَثَوْبَانُ وَأَبُو ذَرٍّ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبَ وَحُذَيْفَةُ وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ وَالْمُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ
١ البخاري ٨/ ٧٣١ في تفسير سورة {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} وفي الرقاق باب في الحوض
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute