فَقَدْ كَذَّبَ بِكِتَابِهِ, كَمَا أَنَّ مَنْ كَذَّبَ بِمَا أَخْبَرَ عَنْهُ الْقُرْآنُ مِنَ الْكُتُبِ فَقَدْ كَذَّبَ بِهِ, وَأَنَّ مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِ وَلَمْ يَقْتَفِ أَثَرَهُ ضَلَّ قَالَ تَعَالَى: {المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الْأَعْرَافِ: ١-٣] .
ثُمَّ الْإِيمَانُ بِكُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَجِبُ إِجْمَالًا فِيمَا أَجْمَلَ وَتَفْصِيلًا فِيمَا فَصَّلَ, فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُتُبِهِ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَالْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَالزَّبُورَ عَلَى دَاوُدَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} [النِّسَاءِ: ١٦٣] وَالْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَذَكَرَ صُحُفَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى, وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنِ التَّنْزِيلِ عَلَى رُسُلِهِ مُجْمَلًا فِي قَوْلِهِ: {وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النِّسَاءِ: ١٣٦] وَقَالَ تَعَالَى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} [الْبَقَرَةِ: ١٣٦] وَقَالَ: {وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} [الشُّورَى: ١٥] فَنَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ: آمَنَّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَمَا أَرْسَلَ مِنْ رَسُولٍ, وَقَالَ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الْحَشْرِ: ٧] ، {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آلِ عِمْرَانَ: ٧] .
فَلَا بُدَّ فِي الْإِيمَانِ بِهِ مِنَ امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ مَنَاهِيهِ وَتَحْلِيلِ حَلَالِهِ وَتَحْرِيمِ حَرَامِهِ وَالِاعْتِبَارِ بِأَمْثَالِهِ وَالِاتِّعَاظِ بِقَصَصِهِ وَالْعَمَلِ بِمُحْكَمِهِ وَالتَّسْلِيمِ لِمُتَشَابِهِهِ وَالْوُقُوفِ عِنْدَ حُدُودِهِ وَتِلَاوَتِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالذَّبِّ عَنْهُ لِتَحْرِيفِ الغالين وانتحال المبطلين وَالنَّصِيحَةِ لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِجَمِيعِ مَعَانِيهَا, نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا كُلَّ ذَلِكَ وَيُوَفِّقَنَا لَهُ وَيُعِينَنَا عَلَيْهِ وَيُثَبِّتَنَا بِهِ وَجَمِيعَ إِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ إِنَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.
[الْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ] :
"وَ" الرَّابِعُ الْإِيمَانُ "بِرُسُلِهِ" وَهُمْ كُلُّ مَنْ أُوحِيَ إِلَيْهِ وَأُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ, أَمَّا مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute