للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَارِي الْبَرَايَا مُنْشِئُ الْخَلَائِقِ ... مُبْدِعُهُمْ بِلَا مِثَالٍ سَابِقِ

"وَأَنَّهُ الرَّبُّ" أَيْ: وَإِثْبَاتُ رُبُوبِيَّتِهِ بِأَنَّهُ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ, رَبُّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ المغربين, رب السموات وَالْأَرَضِينَ وَمَا بَيْنَهُمَا, رَبُّ الْعَالَمِينَ رَبُّ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى, مَالِكُ الْمُلْكِ فَلَا شَرِيكَ لَهُ فِي مُلْكِهِ, يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ وَيَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ يَشَاءُ, وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ, وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ, وَيُسْعِدُ مَنْ يَشَاءُ وَيُشْقِي مَنْ يَشَاءُ, وَيَخْفِضُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْفَعُ مَنْ يَشَاءُ, وَيُعْطِي مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ مَنْ يَشَاءُ, وَيَصِلُ مَنْ يَشَاءُ وَيَقْطَعُ مَنْ يَشَاءُ, وَيَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ, يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا, إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ, يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ, وَيُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ, وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى, يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ, خَلَقَ فَسَوَّى وَقَدَّرَ فَهَدَى, وَأَضْحَكَ وَأَبْكَى, وَأَمَاتَ وَأَحْيَا, وَخَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى, وَأَغْنَى وَأَقْنَى وَأَوْجَدَ وَأَفْنَى, يُبْدِي وَيُعِيدُ وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ, رَفَعَ سَمْكَ السَّمَاءِ فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا, وَبَسَطَ الْأَرْضَ وَدَحَاهَا فِرَاشًا لِعِبَادِهِ وَمِهَادًا, وَنَصَبَ الْجِبَالَ عَلَيْهَا أَوْتَادًا, سَخَّرَ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ, وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ, فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا, لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ, وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ, الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ, وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ, وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ, خَالِقُ الْكَوْنِ وَمَا فِيهِ وَجَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ, مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ, وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا, وَأَسْبَغَ عَلَى عِبَادِهِ نِعَمَهُ الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ, وَجَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا, عَلِمَ وَأَلْهَمَ وَدَبَّرَ فَأَحْكَمَ وَقَضَى فَأَبْرَمَ لَا رَادَّ لِقَضَائِهِ وَلَا مُضَادَّ لِأَمْرِهِ وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ, وَلَا شَرِيكَ لَهُ فِي مُلْكِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>