للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ رُءُوسِهِمْ, يَقُولُونَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ"١.

وَاعْلَمْ أَنَّ النُّصُوصَ الْوَارِدَةَ فِي فَضْلِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ كَثِيرَةٌ لَا يُحَاطُ بِهَا, وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ذِكْرِ شُرُوطِهَا مَا تَيَسَّرَ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَيَكْفِيكَ فِي فَضْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِخْبَارُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهَا أَعْلَى جَمِيعِ شُعَبِ الْإِيمَانِ, كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً, فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ" الْحَدِيثَ٢. وَهَذَا لَفَظُ مُسْلِمٍ٣.

"مَنْ قَالَهَا" أَيْ: قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ حَالَ كَوْنِهِ "مُعْتَقِدًا" أَيْ: عَالِمًا وَمُتَيَقِّنًا "مَعْنَاهَا" الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا "وَكَانَ" مَعَ ذَلِكَ "عَامِلًا بِمُقْتَضَاهَا" عَلَى وَفْقِ مَا عَلِمَهُ مِنْهَا وَتَيَقَّنَهُ, فَإِنَّ ثَمَرَةَ الْعِلْمِ الْعَمَلُ بِهِ "فِي الْقَوْلِ" أَيْ: قَوْلِ القلب واللسان "وَالْفِعْلِ" أَيْ: عَمَلِ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ, قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصَّفِّ: ٢-٣] "وَمَاتَ مُؤْمِنًا" أَيْ: عَلَى ذَلِكَ, وَهَذَا شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ, قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ, إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ" الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ بِطُولِهِ٣. "يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشْرِ" أَيْ: يَوْمَ الْجَمْعِ "نَاجٍ" مِنَ النَّارِ "آمِنًا" مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ، لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ، لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ


١ لم أجده في مسند أحمد ولم أر أحدًا عزاه إليه غيره, ورواه ابن أبي حاتم وابن عدي في الكامل "٤/ ١٥٨٢" وفي سنده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف. ورواه الطبراني في الأوسط بإسنادين ضعيفين "المجمع ١٠/ ٨٦".
٢ البخاري "١/ ٥١" في الإيمان، باب أمور الإيمان، ومسلم "١/ ٦٣/ ح٣٥" في الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها.
٣ البخاري "١٠/ ٢٨٢" في اللباس، باب الثياب البيض وغيرها، ومسلم "١/ ٩٥/ ح١٥٤" في الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>