للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْتَبَةُ الْإِحْسَانِ:

وَثَالِثٌ مَرْتَبَةُ الْإِحْسَانِ ... وَتِلْكَ أَعْلَاهَا لَدَى الرَّحْمَنِ

وَهِيَ رُسُوخُ الْقَلْبِ فِي الْعِرْفَانِ ... حَتَّى يَكُونَ الْغَيْبُ كَالْعِيَانِ

هَذِهِ الْمَرْتَبَةُ هِيَ الثَّالِثَةُ مِنْ مَرَاتِبِ الدِّينِ الْمُفَصَّلَةِ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ الْمُتَقَدِّمِ وَهِيَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الدِّينِ وَأَعْظَمُهَا خَطَرًا وَأَهْلُهَا هُمُ الْمُسْتَكْمِلُونَ لَهَا السَّابِقُونَ بِالْخَيِّرَاتِ الْمُقَرَّبُونَ فِي عُلُوِّ الدَّرَجَاتِ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْأَرْكَانُ الظَّاهِرَةُ عِنْدَ التَّفْصِيلِ وَاقْتِرَانِهِ بِالْإِيمَانِ, وَالْإِيمَانُ إِذْ ذَاكَ هُوَ الْأَرْكَانُ الْبَاطِنَةُ وَالْإِحْسَانُ هُوَ تَحْسِينُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ, وَأَمَّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَكُلٌّ مِنْهَا يَشْمَلُ دِينَ اللَّهِ كُلَّهُ, وَقَدْ جَاءَ الْإِحْسَانُ فِي الْقُرْآنِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ, تَارَةً مُقْتَرِنًا بِالْإِيمَانِ, وَتَارَةً بِالتَّقْوَى, وَتَارَةً بِهِمَا مَعًا, وَتَارَةً بِالْجِهَادِ, وَتَارَةً بِالْإِسْلَامِ, وَتَارَةً بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ مُطْلَقًا. قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [الْمَائِدَةِ: ٩٣] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النَّحْلِ: ١٢٨] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الْكَهْفِ: ٣٠] وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [الْعَنْكَبُوتِ: ٦٩] وَقَالَ تَعَالَى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الْبَقَرَةِ: ١١٢] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لُقْمَانَ: ٢٢] .

وَتَارَةً بِالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ مِنَ الْجِهَادِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>