للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِغَنَمٍ فَحَلَبْنَاهَا عَلَيْهِ ثُمَّ طُفْنَا بِهِ قَالَ: وَكُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الرَّمْلِ فَنَجْمَعُهُ وَنَحْلِبُ عَلَيْهِ فَنَعْبُدُهُ, وَكُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الْحَجَرِ الْأَبْيَضِ فَنَعْبُدُهُ زَمَانًا ثُمَّ نُلْقِيهِ١.

وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَعْبُدُ حَجَرًا, فَسَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي: يَا أَهْلَ الرِّحَالِ, إِنَّ رَبَّكُمْ قَدْ هَلَكَ فَالْتَمِسُوا رَبًّا. قَالَ: فَخَرَجْنَا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ, فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ نَطْلُبُهُ إِذَا نَحْنُ بِمُنَادٍ يُنَادِي: إِنَّا قَدْ وَجَدْنَا رَبَّكُمْ أَوْ شَبَهَهُ, فَإِذَا حَجَرٌ فَنَحَرْنَا عَلَيْهِ الْجَزُورَ٢.

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَبْسَةَ: كُنْتُ مِمَّنْ يَعْبُدُ الْحِجَارَةَ فَيَنْزِلُ الْحَيَّ لَيْسَ مَعَهُمْ إِلَهٌ, فَيَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فَيَأْتِي بِأَرْبَعَةِ أَحْجَارٍ فَيَنْصِبُ ثَلَاثَةً لِقَدَرِهِ وَيَجْعَلُ أَحْسَنَهَا إِلَهًا يَعْبُدُهُ, ثُمَّ لَعَلَّهُ يَجِدُ مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يرتحل, فيتركه ويأخد غَيْرَهُ٣.

وَلَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ, وَجَدَ حَوْلَ الْبَيْتِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ صَنَمًا فَجَعَلَ يَطْعَنُ بِنُشْبَةِ قَوْسِهِ فِي وُجُوهِهَا وَعُيُونِهَا وَيَقُولُ: "جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ" وَهِيَ تَتَسَاقَطُ عَلَى وُجُوهِهَا, ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ وَحُرِقَتْ٤.

[أَسْبَابُ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بِالْمُشْرِكِينَ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ] :

وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي خَاتِمَةِ كِتَابِهِ "الْإِغَاثَةِ":

فَصْلٌ ٥:

وَتَلَاعُبُ الشَّيْطَانِ بِالْمُشْرِكِينَ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ لَهُ أَسْبَابٌ عَدِيدَةٌ, وتلاعب بِكُلِّ قَوْمٍ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ: فَطَائِفَةٌ دَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَتِهَا مِنْ جِهَةِ تَعْظِيمِ الْمَوْتَى


١ ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان مسندا من طريق حنبل وسنده صحيح "٢/ ٢٢٠". ورواه أبو نعيم في الحلية "٢/ ٣٠٦" وفي سير أعلام النبلاء "٤/ ٢٥٤، ٢٥٥". وأبو رجاء تابعي أسلم في حياة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يره.
٢ رواه أبو بكر بن أبي شيبة وإسناده حسن. انظر إغاثة اللهفان "٢/ ٢٢٠".
٣ رواه ابن سعد في طبقاته "٤/ ٢١٧" وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف, ورواه الواقدي من طريقه "سير أعلام النبلاء ٢/ ٤٦٠".
٤ انظر إغاثة اللهفان "٢/ ٢٢١".
٥ إغاثة اللهفان "٢/ ٢٢٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>