للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَدِّدُوا وَقَارِبُوا فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ بِعَمَلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ, وَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ لَيُخْتَمُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ, ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ فَقَبَضَهَا ثُمَّ قَالَ: فَرَغَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْعِبَادِ ثُمَّ قَالَ بِالْيُمْنَى فَنَبَذَ بِهَا فَقَالَ: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ. وَنَبَذَ بِالْيُسْرَى فَقَالَ: فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ" وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِنَحْوِهِ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ١. وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ كَثِيرٌ.

"فَصْلٌ" وَالْإِيمَانُ بِكِتَابَةِ الْمَقَادِيرِ يَدْخُلُ فِيهِ خَمْسَةُ تَقَادِيرَ:

"الْأَوَّلُ" التَّقْدِيرُ الْأَزَلِيُّ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عِنْدَمَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَلَمَ, كَمَا قَالَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التَّوْبَةِ: ٥١] الْآيَةَ. وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الْحَدِيدِ: ٢٢] .

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ, فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: "اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ". قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا "مَرَّتَيْنِ". ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: "اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ" قَالُوا: قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالُوا جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ. قَالَ: "كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ, وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ, وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شيء, وخلق السماوات وَالْأَرْضَ. فَنَادَى مُنَادٍ: ذهبت ناقتك يابن الْحُصَيْنِ, فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا هِيَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ, فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا" ٢.


١ أحمد "٢/ ١٦٧"، والترمذي "٤/ ٤٤٩-٤٥٠/ ح٢١٤١" في القدر، باب ما جاء أن الله كتب كتابا لأهل الجنة وأهل النار، وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح. وفي الباب عن ابن عمر رضي الله عنهما.
٢ البخاري "٦/ ٢٨٦" في بدء الخلق، باب ما جاء في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه} ، وفي المغازي، باب وفد تميم، وباب قدوم الأشعريين وأهل اليمن، وفي التوحيد، باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>