للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ وَلِهَذَا لَمَّا قَالُوا لِلصِّدِّيقِ وَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ قَالَ: إِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ, قَالُوا: وَتُصَدِّقُهُ بِذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ, إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ فِيمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ فِي خَبَرِ السَّمَاءِ يَأْتِيهِ, يَأْتِيهِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا. أَوْ كَمَا قَالَ.

[هَلْ رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ] :

وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ الصَّالِحُ هَلْ رَأَى نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ؟ فَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَتَعْجَبُونَ أَنْ تَكُونَ الْخُلَّةُ لِإِبْرَاهِيمَ وَالْكَلَامُ لِمُوسَى, وَالرُّؤْيَةُ لِمُحَمَّدٍ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ١؟ وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَسُئِلَ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَبَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الْأَنْعَامِ: ١٠٣] ؟ قَالَ: لَا أُمَّ لَكَ, ذَلِكَ نُورُهُ إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لَمْ يُدْرِكْهُ شَيْءٌ٢. وَرَوَى عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ لَا تُحْصَى كَثْرَةً قَالَ: رَأَى مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَبَّهُ٣. وَعَنْهُ رَآهُ بِقَلْبِهِ٤. وَفِي رِوَايَةٍ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ٥, رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. وَلَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


١ ابن خزيمة في التوحيد "ص١٩٧" وابن أبي عاصم في السنة "١/ ١٩٢/ ح٤٤٢" والحاكم في المستدرك "١/ ٦٥"، والنسائي في الكبرى كما في التحفة "٥/ ١٦٥" وإسناده صحيح.
٢ أخرجه الترمذي "٥/ ٣٩٥/ ح٣٢٧٩" في التفسير، باب ومن سورة النجم، وقال: هذا حديث حسن غريب وابن خزيمة في التوحيد "ص١٩٨" وابن أبي عاصم في السنة "١/ ١٩٠/ ح٤٣٧". وأخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه واللالكائي في السنة كما في الدر المنثور "٣/ ٣٣٥" وفي إسناده الحكم بن إبان قال الحافظ عنه: صدوق عابد وله أوهام.
٣ أخرجه ابن أبي عاصم في السنة "١/ ١٨٩/ ح٤٣٥" وابن خزيمة في التوحيد "ص١٩٨" والحاكم في المستدرك "١/ ٦٥" وإسناده صحيح.
٤أخرجه مسلم "١/ ١٥٨/ ح١٧٥" في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} والترمذي "٥/ ٣٩٦/ ح٣٢٨١" في التفسير، باب ومن سورة النجم، وقال: هذا حديث حسن.
٥ مسلم "١/ ١٥٨/ ح١٧٦" في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} . وقد اضطربت الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما في إطلاق الرؤية أو تقييدها بالفؤاد. والصحيح تقييدها بالفؤاد، إذ هي أقوى الروايات عنه وهي هذه والتي سبقتها. وهي توافق حديثه عند أحمد مرفوعا "أتاني ربي الليلة في أحسن صورة -أحسبه يعني في النوم- فقال: يا محمد: أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ ... " فذكره. وتوافق قول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في تفسير {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} كما سيأتي قريبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>