للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِيمَانِ صَوْمُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَحْتَجُّ بِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا" ١, وَيَدَّعِي جَاهِلٌ آخَرُ أَنَّ جَمِيعَ الْإِيمَانِ قَتْلُ كَافِرٍ وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا" ٢ ثُمَّ ذَكَرَهُ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَهَذَا الْجِنْسُ مِنْ فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ يَطُولُ بِتَقَصِّيهِ الْكِتَابُ, وَفِي قَدْرِ مَا ذَكَرْنَا غُنْيَةٌ وَكِفَايَةٌ لِمَا لَهُ قَصَدْنَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَخْبَرَ بِفَضَائِلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَمَا هُوَ مِثْلُهَا لَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرَادَ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ ذَكَرَهُ أَعْلَمَ أَنَّ عَامِلَهُ يَسْتَوْجِبُ بِفِعْلِهِ الْجَنَّةَ أَوْ يُعَاذُ مِنَ النَّارِ أَنَّهُ جَمِيعُ الْإِيمَانِ, وَكَذَاكَ إِنَّمَا أَرَادَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِهِ: "مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" أَوْ "حُرِّمَ عَلَى النَّارِ" فَضِيلَةً لِهَذَا الْقَوْلِ لَا أَنَّ جَمِيعَ الْإِيمَانِ كَمَا ادَّعَى مَنْ لَا يَفْهَمُ الْعِلْمَ وَيُعَانِدُ فَلَا يَتَعَلَّمُ هَذِهِ الصِّنَاعَةَ مِنْ أَهْلِهَا. وَمَعْنَى قَوْلِهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا" هَذَا لَفْظٌ مُخْتَصَرُهُ الْخَبَرُ الْمُقْتَضِي لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ الْمُخْتَصَرَةِ مَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَجْلَانَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ اجْتِمَاعًا يَعْنِي أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ الْمُسْلِمُ وَقَارَبَ" ٣.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لِذَاكَ نَقُولُ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا: مَنْ عَمِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ ثُمَّ سَدَّدَ وَقَارَبَ وَمَاتَ عَلَى إِيمَانِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَلَمْ يَدْخُلِ النَّارَ مَوْضِعَ الْكُفْرِ مِنْهَا وَإِنِ ارْتَكَبَ بَعْضَ الْمَعَاصِي, لِذَاكَ لَا يَجْتَمِعُ قَاتِلُ الْكَافِرِ إِذَا مَاتَ عَلَى إِيمَانِهِ مَعَ الْكَافِرِ الْمَقْتُولِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنَ النَّارِ, لَا إِنَّهُ


١ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٥٢" والبخاري "٦/ ٤٧" في الجهاد، باب فضل الصوم في سبيل الله، ومسلم "٢/ ٨٠٨/ ح١١٥٣" في الصوم، باب فضل الصيام في سبيل الله لمن يطيقه.
٢ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٥٢"، ومسلم "٣/ ١٥٠٥/ ح١٨٩١" في الإمارة، باب من قتل كافرا ثم سدد.
٣ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٥٢-٣٥٣"، ومسلم "٣/ ١٥٠٥/ ح١٨٩١" في الإمارة، باب من قتل كافرا ثم سدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>