للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَتْ: أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الْأَنْعَامِ: ١٠٣] أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشُّورَى: ٥١] قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ وَاللَّهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [الْمَائِدَةِ: ٦٧] قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ, وَاللَّهُ يَقُولُ: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النَّمْلِ: ٦٥] وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ -قَالَتْ: وَلَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَاتِمًا شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الْأَحْزَابِ: ٣٧] ١. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي آيَةِ النَّجْمِ مِثْلَ قَوْلِ عَائِشَةَ٢.


١ مسلم "١/ ١٥٩-١٦٠/ ح١٧٧" في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} .
٢ أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقد رواه مسلم في صحيحه "١/ ١٥٨/ ح١٧٥" في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ، وهل رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ربه ليلة الإسراء؟. قال عطاء عن أبي هريرة: ولقد رآه نزلة أخرى. قال: رأى جبريل وكذلك ابن مسعود رضي الله عنه. رواه مسلم كذلك في صحيحه "١/ ١٥٨/ ح١٧٤" في الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى. قال زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود، قال: ما كذب الفؤاد ما رأى. قال: رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح.
وقد روى الإمام أحمد حديث ابن مسعود مرفوعا. قال ابن مسعود رضي الله عنه في هذه الآية: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} قال: قال رسول الله, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رأيت جبريل وله ستمائة جناح، ينتثر من ريشه التهاويل: الدر والياقوت". "المسند ١/ ٤٦٠" قال ابن كثير: إسناده جيد قوي.
ورواه أحمد كذلك من طريق أخرى مرفوعا بلفظ: رأيت جبريل على سدرة المنتهى، وله ستمائة جناح "المسند ١/ ٤٠٧". وقال ابن كثير: وهذا أيضا إسناده جيد.
فما تقدم يعلم أن الذي رآه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلة أسري به هو جبريل عليه السلام, لورود ذلك من صاحب الشأن وهو رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا عبرة لقول غيره مع قوله. =

<<  <  ج: ص:  >  >>