للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَتْ وَفَاتُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ نَهَارَ الِاثْنَيْنِ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِفَوْقِ ثَمَانِينَ لَيْلَةً, قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: ١٤٤-١٤٥] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٣٤] {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آلِ عِمْرَانَ: ١٨٥] وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزُّمَرِ: ٣١] .

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ عباس: يوم الخمس وَمَا الْخَمِيسِ, اشْتَدَّ بِرَسُولِ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجعه قال: "آتوني أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا" فَتَنَازَعُوا وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ, فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ, اسْتَفْهِمُوهُ فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ فَقَالَ: "دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ". وَأَوْصَاهُمْ بِثَلَاثٍ قَالَ: "أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ, وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ" وسكت عن الثالة أَوْ قَالَ: "فَنَسِيتُهَا"١. وَلَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ, فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَصَرَهُ, فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَصَمْتُهُ وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَنَّ بِهِ, فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ, فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ ثُمَّ قَالَ: "فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى" ثَلَاثًا ثُمَّ قَضَى, وَكَانَتْ تقول: مات ورأسه بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ: وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ


١ البخاري "٨/ ١٣٢" في المغازي، باب مرض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ووفاته وفي "٦/ ١٧٠" في الجهاد، باب جوائز الوفد، والجزية، ومسلم "٣/ ١٢٥٧/ ح١٦٣٧" في الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>