للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الْفُرْقَانِ: ٣٣] ، قَالَ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ أَيْ بِمَا يَلْتَمِسُونَ بِهِ غَيْرَ الْقُرْآنِ وَالرَّسُولِ {إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ} الْآيَةَ أَيْ لِإِنْزَالِ جِبْرِيلَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِجَوَابِهِمْ١.

وَمَا هَذَا إِلَّا اعْتِنَاءٌ وكبر شرف الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ كَانَ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْقُرْآنِ صَبَاحًا وَمَسَاءً وَلَيْلًا وَنَهَارًا، سَفَرًا وَحَضَرًا، وَكُلُّ مَرَّةٍ كَانَ يَأْتِيهِ الْمَلَكُ بِالْقُرْآنِ لَا كَإِنْزَالِ الْكُتُبِ قَبْلَهُ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَهَذَا الْمَقَامُ أَعْلَى وَأَجَلُّ وَأَعْظَمُ مَكَانَةً مِنْ سَائِرِ إِخْوَانِهِ الْأَنْبِيَاءِ صلوات الله وسلامه عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، فَالْقُرْآنُ أَشْرَفُ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ نَبِيٍّ أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ لِلْقُرْآنِ الصِّفَتَيْنِ مَعًا: فَفِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى أُنْزِلَ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْأَرْضِ مُنَجَّمًا بِحَسَبِ الْوَقَائِعِ وَالْحَوَادِثِ٢. {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا، وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الْفُرْقَانِ: ٣٣] ، {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الْإِسْرَاءِ: ١٠٦] .

وَكَمَا وَفَّى بِالرَّدِّ عَلَى كُلِّ مُشَاقٍّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مِنَ الْوَثَنِيِّينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَالْكِتَابِيِّينَ وغيرهم، وَنَزَلَ مُنَجَّمًا عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ هُوَ وَافٍ بِرَدِّ شُبْهَةِ كُلِّ مُلْحِدٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، اقْرَأْ عَلَى مَنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الْأَحْزَابِ: ٤٠] ، وَعَلَى الدَّجَّالِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، وَعَلَى الْمُعَطِّلِ وَالْمُشَبِّهِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} ، وَعَلَى النَّافِي لِلْقَدَرِ {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الْأَنْعَامِ: ٣٩] ، {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [الْقَمَرِ: ٤٩] .

وَعَلَى الْجَبْرِيَّةِ الْغُلَاةِ {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [الْبَقَرَةِ: ٢٨٦] ، {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النِّسَاءِ: ١٦٥] ،


١ انظر اين كثير

<<  <  ج: ص:  >  >>