للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما ترى يابن الْخَطَّابِ؟ " قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ, وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ, وَتُمَكِّنَّنِي مِنْ فُلَانٍ -نَسِيبًا لِعُمَرَ- فَأَضْرِبُ عُنُقَهُ, فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا. فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ, قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ, فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بِكَيْتُ, وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْكِي لِلَّذِي عُرِضَ عَلَيَّ فِي أَصْحَابِكَ مِنْ أَخْذِهِمِ الْفِدَاءَ, لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ" شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الْأَنْفَالِ: ٦٧-٦٩] فَأَحَلَّ اللَّهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ١.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَافَقْتُ اللَّهَ فِي ثَلَاثٍ -أَوْ وَافَقَنِي اللَّهُ فِي ثَلَاثٍ- قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [الْبَقَرَةِ: ١٢٥] وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ, قَالَ: وَبَلَغَنِي مُعَاتَبَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْضَ نِسَائِهِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِنَّ, قُلْتُ: إِنِ انْتَهَيْتُنَّ أَوْ لَيُبَدِّلَنَّ اللَّهُ ورسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْرًا مِنْكُنَّ. حَتَّى أَتَيْتُ إِحْدَى نِسَائِهِ قَالَتْ: يَا عُمَرُ مَا فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ} [التَّحْرِيمِ: ٥] ٢.


١ مسلم "٣/ ١٣٨٣-١٣٨٥، باب ١٧٦٣" في الجهاد، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر، وإباحة الغنائم.
٢ البخاري "١/ ٥٠٤" في الصلاة، باب ما جاء في القبلة ومن لا يرى الإعادة على من سها وصلى لغير القبلة، وفي تفسير سورة البقرة، باب قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} ، وفي تفسير سورة الأحزاب، باب قول الله تعالى: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} ، وفي تفسير سورة التحريم، ومسلم "٤/ ١٨٦٥/ ح٢٣٩٩" في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>