للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجَتْ رُوحُهُ وَهُوَ يَقُولُ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ, وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ تَعْزِيَةً لِنَبِيِّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [الْقَصَصِ: ٥٦] وَقَالَ النَّبِيُّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ" فَنَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التَّوْبَةِ: ١١٣] ١ الْآيَاتِ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ, فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ, هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ, وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ" وَفِي لَفْظٍ "وَجَدْتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنَ النَّارِ فَأَخْرَجْتُهُ إِلَى ضَحْضَاحٍ" ٢.

وَفِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: "لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ" ٣.

وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ, وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ" ٤.

وَكَفَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ صَغِيرٌ, فَلَمَّا بُعِثَ آمَنَ بِهِ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ, وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ مِنَ الصِّبْيَانِ, كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ


١ البخاري "٧/ ١٩٣" في مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب، وفي الجنائز، باب إذا قال المشرك عنه الموت: لا إله إلا الله، وفي تفسير سورة براءة، وفي تفسير سورة القصص، وفي الأيمان والنذور، ومسلم "١/ ٥٤/ ح٢٤" في الإيمان، باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع.
٢ البخاري "٧/ ١٩٣" في مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب، وفي الأدب، باب كنية المشرك، وفي الرقاق باب صفة الجنة والنار، ومسلم "١/ ١٩٤/ ح٢٠٩" في الإيمان، باب شفاعة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه.
٣ البخاري "٧/ ١٩٣" في مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب، وفي الرقاق، باب صفة الجنة والنار، ومسلم "١/ ١٩٥/ ح٢١٠" في الإيمان باب شفاعة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه.
٤ مسلم "١/ ١٩٦/ ح٢١٢" في الإيمان، باب أهون أهل النار عذابا.

<<  <  ج: ص:  >  >>