للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ, فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أَحْرِقْهُمْ لِنَهِيِ رَسُولِ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ" وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" ١. حُكِيَ عَنْ أبي المظفر الإسفريني فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ أَنَّ الَّذِينَ أَحْرَقَهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنَ الرَّوَافِضِ ادَّعُوَا فِيهِ الْإِلَهِيَّةَ وَهُمُ السَّبَئِيَّةُ وَكَانَ كَبِيرُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَأٍ يَهُودِيًّا, ثُمَّ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَابْتَدَعَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إن هنا قوم عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ رَبَّهُمْ, فَدَعَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ: وَيْلَكُمُ مَا تَقُولُونَ؟ قَالُوا: أَنْتَ رَبُّنَا وَخَالِقُنَا وَرَازِقُنَا قَالَ: وَيْلَكُمْ إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ مِثْلُكُمْ آكُلُ الطَّعَامَ كَمَا تَأْكُلُونَ وَأَشْرَبُ كَمَا تَشْرَبُونَ, إِنْ أَطَعْتُ اللَّهَ أَثَابَنِي إِنْ شَاءَ وَإِنْ عَصَيْتَهُ خَشِيْتُ أَنْ يُعَذِّبَنِي, فَاتَّقُوا اللَّهَ وَارْجِعُوا, فَأَبَوْا. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ غَدَوْا عَلَيْهِ فَجَاءَ قَنْبَرٌ فَقَالَ: قَدْ وَاللَّهِ رَجَعُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ الْكَلَامَ. فَقَالَ: أَدْخِلْهُمْ. فَقَالُوا: كَذَلِكَ, فَلَمَّا كَانَ الثَّالِثُ قَالَ: لَئِنْ قُلْتُمْ ذَلِكَ لَأَقْتُلَنَّكُمْ بِأَخْبَثِ قِتْلَةٍ. فَأَبَوْا إِلَّا ذَلِكَ, فَأَمَرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَخُدَّ لَهُمْ أُخْدُودٌ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالْقَصْرِ, وَأَمَرَ بِالْحَطَبِ أَنْ يُطْرَحَ فِي الْأُخْدُودِ وَيُضْرَمَ بِالنَّارِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: إِنِّي طَارِحُكُمْ فِيهَا أَوْ تَرْجِعُوا. فَأَبَوْا أَنْ يَرْجِعُوا, فَقَذَفَ بِهِمْ حَتَّى إِذَا احْتَرَقُوا قَالَ:

إِنِّي إِذَا رَأَيْتُ أَمْرًا مُنْكَرَا ... أَوْقَدْتُ نَارِي وَدَعَوْتُ قَنْبَرَا

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حُجْرٍ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ٢.


١ أحمد "١/ ٢٨٢" والبخاري "١٢/ ٢٦٧" في استتابة المرتدين، باب حكم المرتدة واستتابتهم، وفي الجهاد، باب لا يعذب بعذاب الله، والترمذي "٤/ ٥٩/ ح١٤٥٨" في الحدود، باب ما جاء في المرتد، وأبو داود "٤/ ١٢٦/ ح٤٣٥١" فيه، باب الحكم فيمن ارتد، والنسائي "٧/ ١٠٤-١٠٥" في تحريم الدم، باب الحكم في المرتد، وابن ماجه القطعة الأخيرة منه "٢/ ٨٤٨/ ح٢٥٣٥" في الحدود، باب المرتد عن دينه.
٢ الفتح "١٢/ ٢٧٠" قال الحافظ: إسناده حسن. هذا في المطبوع وليس كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى وأحسن إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>