للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وَكُلُّ مَا" أَيُّ أَمْرٍ كان "خالف الوحيين" نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ وَحَيٌّ ثَانٍ أَيْضًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النَّجْمِ: ٢-٥] وَقَالَ النَّبِيُّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُوتِيَتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ"١ الْحَدِيثَ.

"فَإِنَّهُ" أَيْ: ذَلِكَ الْأَمْرَ الْمُخَالِفَ "رَدٌّ" أَيْ: مَرْدُودٌ عَلَى مُبْتَدِعِهِ مَنْ كَانَ "بِغَيْرِ مَيْنٍ" بِدُونِ شَكٍّ، قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آلِ عِمْرَانَ: ٨٥] وَدِينُ الْإِسْلَامِ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ كِتَابَهُ عَلَى رَسُولِهِ لِيُبَيِّنَهُ لِلنَّاسِ، فَتَلَاهُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أُمَّتِهِ وَبَيَّنَهُ لَهُمْ بِسُنَّتِهِ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَتَقْرِيرَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَقَدَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتُ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ"٢.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [الْبَقَرَةِ: ١٣٠] , وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النِّسَاءِ: ١٢٥] ، وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آلِ عِمْرَانَ: ٨٣] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الْأَعْرَافِ: ٣] ، وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الْجَاثِيَةِ: ١٨] الْآيَاتِ. وَقَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الْعَنْكَبُوتِ: ٥١] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التَّوْبَةِ: ٣١] الْآيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}


١ أحمد "٤/ ١٣٢"، والترمذي "٥/ ٣٨/ ح٢٦٦٥" في العلم، باب ما جاء في كراهية كتابة العلم، وابن ماجه "١/ ٦/ ح١٢" في المقدمة، باب تعظيم حديث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والتغليظ على من عارضه. وقد مر.
٢ تقدم تخريجه سابقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>