للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَالْمَرْفُوعُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَحِيحِ مسلم١، ولعل تغيير هَذَا الرَّجُلِ عَلَى مَرْوَانَ كَانَ تَارَةً أُخْرَى فِي غَيْرِ الْمَرَّةِ الَّتِي غَيَّرَ فِيهَا أَبُو سَعِيدٍ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ؛ لِأَنَّ تَغْيِيرَ أَبِي سَعِيدٍ كَانَ عِنْدَ أَوَّلِ مَا ابْتُدِعَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِمًا، فَمَنْ نَبَّأَكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا فَقَدْ كَذَبَ، فَقَدَ وَاللَّهِ صَلَّيْتُ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ صَلَاةٍ٢.

وَفِيهِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُمِّ الْحَكَمِ يَخْطُبُ قَاعِدًا، فَقَالَ: انْظُرْ إِلَى هَذَا الْخَبِيثِ يَخْطُبُ قَاعِدًا، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} ٣ [الْجُمُعَةِ: ١١] .

وَفِيهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُوَيْبَةَ قَالَ: رُؤِيَ بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الْمُسَبِّحَةِ٤.

وَتَقَدَّمَ فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ نَصِيحَةُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعِظَتُهُ إِيَّاهُمْ عَنْ سَبِّ الصَّحَابَةِ.

وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ رَأَى جَمَاعَةً عُكُوفًا عَلَى رَجُلٍ فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ مِنْ بَيْنِ اثْنَيْنِ فَإِذَا هُوَ يَسُبُّ عَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ, فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْتَهِ, فَقَالَ: أَدْعُو عَلَيْكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: تَتَعَهَّدُنِي كَأَنَّكَ نَبِيٌّ، فَانْصَرَفَ سَعْدٌ فَدَخَلَ دَارَ آلِ فُلَانٍ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَبَّ أَقْوَامًا قَدْ سَبَقَ لَهُمْ مِنْكَ سَابِقَةَ الْحُسْنَى وَأَنَّهُ قَدْ أَسْخَطَكَ سَبُّهُ إِيَّاهُمْ فَاجْعَلْهُ الْيَوْمَ آيَةً وَعِبْرَةً. قَالَ فَخَرَجَتْ بُخْتِيَّةٌ نَادِرَةٌ مِنْ دَارِ آل فلان لا يَرُدُّهَا شَيْءٌ حَتَّى دَخَلَتْ بَيْنَ


١ مسلم "١/ ٦٩/ ح٤٩" في الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان.
٢ مسلم "٢/ ٥٨٩/ ح٨٦٢" في الجمعة، باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من الجلسة.
٣ مسلم "٢/ ٥٩١/ ح٨٦٤" في الجمعة، باب في قول الله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} .
٤ مسلم "٢/ ٥٩٥/ ح٨٧٤" في الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>