للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّذْرَ قُرْبَةٌ مِنَ الْقُرُبَاتِ إِذَا كَانَ مَشْرُوعًا كَصَوْمِ مَا لم ينه عن مِنَ الْأَيَّامِ، فَإِنَّ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَانَ نَاذِرًا مَعْصِيَةً لَا طَاعَةً، وَقَدْ قَالَ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ولا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ" ١ وَقَالَ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ" ٢.

وَعَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي أَوَّلِ مَا بُويِعَ لَهُ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ بِالصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَإِنَّمَا الْخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ. قَالَ ذَلِكَ رَدًّا لِبِدْعَةِ الْمَرْوَانِيَّةِ فِي ذَلِكَ٣.

وَفِيهِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ. فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ" ٤ الْحَدِيثَ.

وَفِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ, وَلَا أُفْطِرُ, وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ, فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا, فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" ٥.


١ مسلم "٣/ ١٢٦٢-١٢٦٣/ ح١٦٤١" في النذر، باب لا وفاء لنذر في معصية الله, ولا فيما لا يملك العبد، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.
٢ البخاري "١١/ ٥٨٥" في الأيمان والنذور، باب النذر فيما لا يملك وفي معصية، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٣ البخاري "٢/ ٤٥١" في العيدين، باب المشي والركوب إلى العيد بغير أذان ولا إقامة، ومسلم "٢/ ٦٠٤، باب٨٨٦" في صلاة العيدين، في فاتحته؟
٤ البخاري "٢/ ٤٥٣" في العيدين, باب الخطبة بعد العيد, ومسلم "٣/ ١٥٥٣/ ح١٩٦١" في الأضاحي, باب وقتها.
٥ البخاري "٩/ ١٠٤" في النكاح، باب الترغيب في النكاح، ومسلم "٢/ ١٠٢٠/ ح١٤٠١" فيه, باب استحباب النكاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>