للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الْحَدِيدِ: ٤] وَكَذَلِكَ جَمَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ فِي حَدِيثِ الْأَوْعَالِ إِذْ يَقُولُ: "وَاللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ"١ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ, وَهُوَ إِجْمَاعُ الْمُؤْمِنِينَ.

"مُهَيْمِنٌ" رَقِيبٌ "عَلَيْهِمُو" بِوَاوِ الْإِشْبَاعِ "وَذِكْرُهُ" تَبَارَكَ وَتَعَالَى "لِلْقُرْبِ" فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [الْبَقَرَةِ: ١٨٦] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} وَقَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: "إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عنق راحلته" ٢. "و" كذلك ذِكْرُهُ "الْمَعِيَّهْ" الْعَامَّةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [الْمُجَادَلَةِ: ٧] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الْحَدِيدِ: ٤] وَكَذَا الْمَعِيَّةُ الْخَاصَّةُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النَّحْلِ: ١٢٨] وَقَوْلِهِ: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الْأَنْفَالِ: ٤٦] وَقَوْلِهِ لِمُوسَى وَهَارُونَ: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦] وَقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التَّوْبَةِ: ٤٠] كُلُّ ذَلِكَ "لَمْ يَنْفِ الْعُلُوَّ" الْمَذْكُورَ فِي النُّصُوصِ السَّابِقَةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ - إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ - وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ - تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ - يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ. "وَالْفَوْقِيَّهْ" عَطْفٌ عَلَى الْعُلُوِّ وَهُوَ رَدِيفُهُ فِي الْمَعْنَى أَيْ: وَلَمْ يَنْفِ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الْأَنْعَامِ: ١٨] وَقَوْلَهُ: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النَّحْلِ: ٥٠] وَقَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ" ٣ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قُرْبِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَيْنَ عُلُوِّهِ "فَإِنَّهُ"


١ تقدم ذكره وأن سنده ضعيف.
٢ البخاري "١١/ ١٨٧" في الدعوات، باب الدعاء إذا علا عقبة.
مسلم "٤/ ٢٠٧٦/ ح٢٧٠٤" في الذكر والدعاء، باب استحباب خفض الصوت بالذكر.
٣ تقدم ذكره في حديث الأوعال.

<<  <  ج: ص:  >  >>