للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ:فَيَجِدُونَ فِي النَّارِ رَجُلًا, فَيَقُولُونَ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا, غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ, فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اسْمَحُوا لِعَبْدِي بِسَمَاحَتِهِ إِلَى عَبِيدِي. ثُمَّ يُخْرِجُونَ مِنَ النَّارِ رَجُلًا فَيَقُولُونَ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا, غَيْرَ أَنِّي أَمَرْتُ وَلَدِي إِذَا مت فأحرقوني في النار ثُمَّ اطْحَنُونِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِثْلَ الْكُحْلِ فَاذْهَبُوا بِي إِلَى الْبَحْرِ فَاذْرُونِي فِي الرِّيحِ فَوَاللَّهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيَّ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَبَدًا. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ له: لِم فعل ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ مَخَافَتِكَ. قَالَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرْ إِلَى مُلْكِ أَعْظَمِ مَلِكٍ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهُ وَعَشْرَةَ أَمْثَالِهِ, قَالَ فَيَقُولُ: أَتَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ؟ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَلِكَ الَّذِي ضَحِكْتُ مِنْهُ الضُّحَى" رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى١.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ" قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَالَ: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ" قَالُوا: لَا, قَالَ: "فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ, يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ, فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ, وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ, وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ, وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا, فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ, هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ. فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ, فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ, فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ, فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا, فَيَتَّبِعُونَهُ, وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهَرَانَيْ جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي


١ أحمد في مسنده "١/ ٤-٥" وابن أبي عاصم في السنة "ح٨١٢" وأبو يعلى "ح٥٦ و٥٧" وابن خزيمة في التوحيد "ص٢٠٢-٢٠٣" وأبو عوانة "١/ ١٧٥-١٧٨" وابن حبان "موارد ٢٥٨٩" والبزار في مسنده "كشف الأستار ٤/ ١٦٨/ ح٣٤٦٥" والدولابي في الكنى "٢/ ١٥٥-١٥٦". كلهم من طريق البراء بن نوفل عن والان العدوي عن حذيفة عن أبي بكر مرفوعا.
قال ابن حبان: قال إسحاق "ابن راهوية": هذا من أشرف الحديث وقد روى هذا الحديث عدة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنحو هذا منهم: حذيفة وأبو مسعود وأبو هريرة وغيرهم. قلت:.. وقد صحح الحديث جماعة منهم: إسحاق بن راهوية وابن حبان والهيثمي وأحمد شاكر وناصر الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>