للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [الْمَائِدَةِ: ١٠٩] وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ, وَهِيَ أَعْظَمُ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِهَا عَلَى عِبَادِهِ أَنْ هَدَاهُمْ إِلَيْهَا؛ وَلِهَذَا ذَكَرَهَا فِي سُورَةِ النَّحْلِ الَّتِي هِيَ سُورَةُ النِّعَمِ, فَقَدَّمَهَا أَوَّلًا قَبْلَ كُلِّ نِعْمَةٍ, فَقَالَ تَعَالَى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النَّحْلِ: ٢] ، وَهِيَ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّعَادَةِ, وَهِيَ أَصْلُ الدِّينِ وَأَسَاسُهُ وَرَأْسُ أَمْرِهِ وَسَاقُ شَجَرَتِهِ وَعَمُودُ فُسْطَاطِهِ, وَبَقِيَّةُ أَرْكَانِ الدِّينِ وَفَرَائِضِهِ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْهَا, مُتَشَعِّبَةٌ مِنْهَا, مُكَمِّلَاتٌ لَهَا, مُقَيَّدَةٌ بِالْتِزَامِ مَعْنَاهَا وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا, فَهِيَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} [الْبَقَرَةِ: ٢٥٦] قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ١, وَهِيَ الْعَهْدُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِذْ يَقُولُ: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مَرْيَمَ: ٨٧] قَالَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: هُوَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إِلَّا بِاللَّهِ, وَأَنْ لَا يَرْجُوَ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ٢. وَهِيَ الْحُسْنَى الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [اللَّيْلِ: ٥-٧] الْآيَاتِ, قَالَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَرَوَاهُ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ٣. وَهِيَ كَلِمَةُ الْحَقِّ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِذْ يَقُولُ تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزُّخْرُفِ: ٨٦] قَالَ ذَلِكَ الْبَغَوِيُّ٤. وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِذْ يَقُولُ: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الْفَتْحِ: ٢٦] رَوَى ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيُّ بِأَسَانِيدِهِمْ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ٥.


١ انظر ابن كثير "١/ ٣١٩".
٢ هو من رواية علي بن أبي طلحة عنه, وروايته عنه منقطعة. انظر ابن كثير "٣/ ١٤٥".
٣ ابن كثير "٤/ ٥٥٣-٥٥٤" والبغوي "معالم ٥/ ٥٨٣" وعطية العوفي فيه مقال معروف.
٤ البغوي "معالم التنزيل ٥/ ١١٠".
٥ ابن جرير "٢٦/ ١٠٤" وعبد الله في زوائد المسند "٥/ ١٣٨" والترمذي "٥/ ٣٨٦/ ح٣٢٦٥" وقال: هذا حديث غريب, لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث الحسن بن قزعة والبيهقي في الأسماء والصفات "ص١٣٢-١٣٣".
وسنده ضعيف, فيه ثوير بن أبي فاختة وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>