للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الْإِسْرَاءِ: ١٨, ١٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هُودٍ: ١٥, ١٦] وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشُّورَى: ٢٠] وَقَالَ تَعَالَى يُثْنِي عَلَى عِبَادِهِ الْمُخْلِصِينَ: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الْإِنْسَانِ: ٨, ٩] ، وَقَالَ: {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} [اللَّيْلِ: ٢٠] وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَإِنْ كَانَ الْبَاعِثُ عَلَى الْعَمَلِ هُوَ إِرَادَةُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَالدَّارِ الْآخِرَةِ وَلَكِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الرِّيَاءُ فِي تَزْيِينِهِ وَتَحْسِينِهِ, فَذَلِكَ هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الشِّرْكَ الْأَصْغَرَ وَفَسَّرَهُ بِالرِّيَاءِ الْعَمَلِيِّ, وَزَادَهُ إِيضَاحًا بِقَوْلِهِ: " يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ إِلَيْهِ" ١، وَهَذَا لَا يُخْرِجُ مِنَ الْمِلَّةِ وَلَكِنَّهُ يُنْقِصُ مِنَ الْعَمَلِ بِقَدْرِهِ, وَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى الْعَمَلِ فَيُحْبِطُهُ كُلَّهُ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ, اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَعْمَالَنَا كُلَّهَا صَالِحَةً وَاجْعَلْهَا لِوَجْهِكَ خَالِصَةً وَلَا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ فِيهَا شَيْئًا. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ, فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا, فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" ٢. فَهَذَا الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ وَتُعَيِّنُهُ لِأَحَدِهِمَا النِّيَّةُ, فَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْعَمَلِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَهُوَ النِّفَاقُ, وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ لِلَّهِ وَأَحَبَّ مَعَ


١ تقدم قبل قليل وأن سنده حسن.
٢ البخاري "٦/ ٢٧" في الجهاد، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا, وباب من قاتل للمغنم: هل ينقص من أجره شيء؟. وفي العلم، باب من سأل وهو قائم عالما جالسا. وفي التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِين} .
ومسلم "٣/ ١٥١٢/ ح١٩٠٤" في الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا.

<<  <  ج: ص:  >  >>