للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي طَالِبٍ: أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَلَّا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ, وَلَا قَبْرًا مُشْرَفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ١.

وَحَذَّرَ الْأُمَّةَ عَنْ إِطْرَائِهِ ... فَغَرَّهُمْ إِبْلِيسُ بِاسْتِجْرَائِهِ

فَخَالَفُوهُ جَهْرَةً وَارْتَكَبُوا ... مَا قَدْ نَهَى عَنْهُ وَلَمْ يَجْتَنِبُوا

"وَحَذَّرَ" النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "الْأُمَّةَ عَنْ إِطْرَائِهِ" أَيِ: الْغُلُوِّ فِيهِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ, إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ, فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ" ٢. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ, فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ" ٣. وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَا خَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا وَسَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ, وَلَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ, أَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ, مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ٤. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: أَنْتَ سَيِّدُنَا فَقَالَ: "السَّيِّدُ اللَّهُ تَعَالَى" قُلْنَا: وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا فَقَالَ: "قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ, وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ" ٥ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حِمَايَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَنَابَ التَّوْحِيدِ. وَكَمَا قَالَ لِمَنْ قَالَ: تعالوا بنا نستغث بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ, قَالَ: "إِنَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ بِي, وَإِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللَّهِ" ٦. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ


١ مسلم "٢/ ٦٦٦/ ٩٦٩" في الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر.
٢ البخاري "٦/ ٤٢٢" في الأنبياء، باب قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} وغيره, وليس هذا اللفظ عند مسلم, وأصل هذا الحديث عنده دون هذه الجملة.
٣ النسائي "٥/ ٢٦٨" في الحج، باب التقاط الحصا. وابن ماجه "٢/ ١٠٠٨/ ح٣٠٢١" في المناسك، باب قدر حصا الرمي. وأحمد "١/ ٢١٥ و٣٤٧" وإسناده صحيح.
٤ النسائي في عمل اليوم والليلة "ح٢٤٨" وإسناده جيد كما قال.
٥ النسائي في عمل اليوم والليلة "ح٢٤٥" و"٢٤٦" و"٢٤٧" وسنده صحيح. ورواه أبو داود "ح٤٨٠٦" وأحمد "٤/ ٢٥".
٦ رواه الطبراني في الكبير من حديث عبادة بن الصامت "المجمع ١٠/ ١٦٢" وفي سنده ابن لهيعة. ورواه أحمد من طريقه "٥/ ٣١٧" الشطر الأول ولكن قال: "لا يقام لي, إنما يقام لله تبارك وتعالى".

<<  <  ج: ص:  >  >>