للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَى إِلَيْهِمُ الْجَاهِلُ الْمَفْتُونُ وَوَقَفَ عَلَى الْحَاجِبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَطْلُوبٌ مُعَيَّنٌ قَالَ لَهُ: أَدْخِلْ يَدَكَ فَمَا خَرَجَ فِيهَا فَهُوَ الْبَابُ الَّذِي تُرْزَقُ مِنْهُ لَا تَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ, فَإِنْ خَرَجَ فِي يَدِهِ تُرَابٌ فَحَارِثٌ, وَإِنْ خَرَجَ قُطْنٌ فَحَائِكٌ, وَإِنْ خَرَجَ فَحْمٌ أَوْ نَحْوُهُ فَحَدَّادٌ أَوْ صَائِغٌ, وَإِنْ خَرَجَ آلَةُ حِجَامَةٍ فحجام, وإن خرح كَذَا وكذا, على قواعدهم يَعْرِفُونَهَا, وَمَخْرَقَةٍ لَهُمْ يَأْلَفُونَهَا, وَإِنْ كان له مَطْلُوبٌ مُعَيَّنٌ قَالَ لَهُ: مَا تُرِيدُ مِنَ الشَّيْخِ؟ قَالَ: أُرِيدُ كَذَا, فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُوجَدُ فِيهَا أُدْخِلُ الْقَبْرَ وَإِلَّا قَالَ: ارْجِعِ الْآنَ وَمَوْعِدُكَ الْوَقْتُ الْفُلَانِيُّ فَإِنَّ الشَّيْخَ الْآنَ مَشْغُولٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْذَارِ مَعَ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ تَعْظِيمِ الشَّيْخِ, فَلَا يُكَرِّرُ الطَّلَبَ أَدَبًا مَعَهُ, فَلَا يَأْتِي فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ إِلَّا وَقَدِ اسْتَعَدَّ له بمطلوبه, فإدا جَاءَ وَأَدْخَلَ يَدَهُ خَرَجَ فِيهَا ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ فَحِينَئِذٍ خَرَجَ يُنَادِي: شَيْءٌ لِلَّهِ يَا شَيْخُ فُلَانُ وَكُلَّمَا وَجَدَ أَحَدًا أَرَاهُ ذَلِكَ وَقَالَ: هَذَا مِنْ كَرَامَاتِ الشَّيْخِ فُلَانٍ وَعَطَايَاهُ, فَيَجْمَعُونَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِهَذِهِ الْحِيَلِ وَالشَّعْوَذَةِ مَا لَا يُحْصَى, وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَحْتَالُوا لِأَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ فَحَسْبُ, بَلِ احْتَالُوا لِسَلْبِ دِينِهِمْ وَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ دَائِرَةِ الْإِسْلَامِ إِلَى دَائِرَةِ الْكُفْرِ, وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِقُبُورِ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ عُرِفُوا فِي الدُّنْيَا بِالْأَمَانَةِ وَالدِّيَانَةِ, بَلْ أَيُّ قَبْرٍ تَمَثَّلَ فِيهِ الشَّيْطَانُ أَوْ حُكِيَتْ لَهُ حكاية أو رئيت لَهُ رُؤْيَا صِدْقًا كَانَتْ أَوْ كَذِبًا, فَقَدِ اسْتَحَقَّ عِنْدَهُمْ أَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ الْقِبَابُ وَيُعْكَفَ عِنْدَهُ وَيُنْذَرَ لَهُ وَيُذْبَحَ عَلَيْهِ وَيَسْتَشْفِيَ بِهِ الْمَرْضَى وَيُسْتَنْزَلَ بِهِ الْغَيْثُ وَيُسْتَغَاثَ بِهِ فِي الشَّدَائِدِ وَيُسْأَلَ مِنْهُ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ وَيُخَافَ وَيُرْجَى وَيُتَّخَذَ نِدًّا مِنْ دون الله عر وَجَلَّ, تقدس وَتَنَزَّهَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ وَالْمُلْحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

اللَّهُ أَكْبَرُ لَوْ رَأَيْتَ عَلَى الْقُبُو ... رِ عُكُوفَهُمْ صُبْحًا وَبِالْإِمْسَاءِ

وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَوْ تَرَى أَعْيَادَهُمْ ... جَمْعُ الرِّجَالِ مَعًا وَجَمْعُ نِسَاءِ

وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَوْ رَأَيْتَ مَسَاجِدًا ... بُنِيَتْ عَلَى الْمَوْتَى بِأَيِّ بِنَاءِ

قَدْ زُخْرِفَتْ بِحِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ ... بِالشِّيدِ قَدْ ضُرِبَتْ مَعَ الْإِعْلَاءِ

وَرُءُوسُهَا قَدْ زُيِّنَتْ بِأَهِلَّةٍ ... مِنْ أَنْفَسِ الْمَنْقُوشِ دُونَ مِرَاءِ

قَدْ أُسْرِجَتْ وَلَكَمْ عَلَى تَسْرِيجِهَا ... وَقَفُوا الشُّمُوعَ لَهَا بِأَيِّ أَدَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>