للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الْإِيمَانَ" بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الْبَقَرَةِ: ١٧٧] .

وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا الْإِيمَانُ؟ فَتَلَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [الْبَقَرَةِ: ١٧٧] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. ثُمَّ سَأَلَهُ أَيْضًا فَتَلَاهَا عَلَيْهِ ثُمَّ سَأَلَهُ فَقَالَ: "إِذَا عَمِلْتَ حَسَنَةً أَحَبَّهَا قَلْبُكَ, وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً أَبْغَضَهَا قَلْبُكَ"١ رَوَاهُ الْمَسْعُودِيُّ بِنَحْوِهِ, وَفَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَقَالَ: "آمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ" قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ "؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: "شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصِيَامُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُؤَدُّوا مِنَ الْمَغْنَمِ الْخُمْسَ" ٢, وَقَدْ جَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِيَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا مِنَ الْإِيمَانِ, وَكَذَا قِيَامَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَكَذَا أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَكَذَا الْجِهَادَ وَالْحَجَّ وَاتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ, وَغَيْرَ ذَلِكَ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: "الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً, فَأَعْلَاهَا: قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ" ٣ وَهَذِهِ الشُّعَبُ الْمَذْكُورَةُ قَدْ جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي مَوَاضِعَ


١ رواه ابن أبي حاتم وصححه "الدر المنثور ١/ ٤١٠" قلت: إسناده منقطع, فهو من رواية مجاهد عن أبي ذر ولم يدركه "ابن كثير ١/ ٢١٣" وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن مردويه عن القاسم بن عبد الرحمن قال: "جاء رجل إلى أبي ذر فقال: ما الإيمان؟ فتلا عليه هذه الآية ... "الدر المنثور ١/ ٤١١" وهو منقطع كذلك, ومن طريقه "القاسم" أخرجها المسعودي "ابن كثير ١/ ٢١٣".
٢ رواه البخاري "٨/ ٨٤، ٨٥" في المغازي، باب وفد عبد القيس, وغيرها, ومسلم "١/ ٤٦/ ح١٧" في الإيمان، باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشرائع الدين.
٣ رواه البخاري "١/ ٥١" في الإيمان، باب أمور الإيمان، ومسلم "١/ ٦٣/ ح٣٥" في الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>