للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي كِتَابٍ عِنْدَهُ١, وَهَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" ٢ فَإِنَّهُ يُفَسَّرُ بِحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: ذَكَرْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزِّيَادَةَ فِي الْعُمْرِ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُؤَخِّرُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا, وَإِنَّمَا زِيَادَةُ الْعُمْرِ بِالذُّرِّيَّةِ الصَّالِحَةِ يَرْزُقُهَا الْعَبْدَ فَيَدْعُونَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ فَيَلْحَقُهُ دُعَاؤُهُمْ فِي قَبْرِهِ, فَذَلِكَ زِيَادَةُ الْعُمْرِ"٣.

وَمِنْهَا الْإِيمَانُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْأَجَلَ الْمَحْتُومَ وَالْحَدَّ الْمَرْسُومَ لِانْتِهَاءِ كُلِّ عُمْرٍ إِلَيْهِ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ وَلَا عِلْمَ لَنَا بِهِ, وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَفَاتِحِ الْغَيْبِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهَا عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ, فَلَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الْأَنْعَامِ: ٥٩] الْآيَةَ, وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لُقْمَانَ: ٣٤] الْآيَةَ. وَتَقَدَّمَتِ الْأَحَادِيثُ فِي مَعْنَاهَا, وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى قَبْضَ رُوحِ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ فِيهَا -أَوْ قَالَ: بِهَا- حَاجَةً" ٤.


١ أخرجه ابن جرير "١٢/ ١٢٢" وابن المنذر وابن أبي حاتم "الدر المنثور ٧/ ١١".
٢ رواه البخاري "١٠/ ٤١٥" في الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم، ومسلم "٤/ ١٩٨٢/ ح٢٥٥٧" في البر والصلة، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها.
٣ ابن أبي حاتم "ابن كثير ٣/ ٥٥٨" وسنده ضعيف فيه مسلمة بن عبد الله بن ربعي وعمه أبو مشجعة بن ربعي, وكلاهما مجهول.
٤ رواه جماعة من الصحابة, فعن أبي عزة الهذلي رضي الله عنه: البخاري في الأدب المفرد "٢/ ٦٩٩/ ح١٢٨٢ مع فضل الله الصمد" و"٢/ ٢٥٨/ ح٧٨٠" والترمذي "٤/ ٤٥٣/ ح٢١٤٧" في القدر، باب ما جاء في النفس تموت حيثما كتب لها, وابن حبان "٨/ ٨, إحسان" والدولابي في الكنى "١/ ٤٤" وأحمد "٣/ ٤٢٩" والحاكم "١/ ٤٢" وابن عدي في الكامل وأبو نعيم في الحلية "٨/ ٣٧٤" وله شاهد من حديث مطر بن عكامس رضي الله عنه, أخرجه البخاري في التاريخ الكبير "٤/ ١/ ٤٠٠" والترمذي "٤/ ٤٥٢/ ح٢١٤٦" في القدر، باب ما جاء أن النفس تموت حيثما كتب لها، والحاكم "١/ ٤٢"، وأخرجه من حديث جندب بن سفيان رضي الله عنه الحاكم "١/ ٣٦٧" وأخرجه الطبراني في الكبير "١/ ١٧٨/ ح٤٦٠" عن أسامة بن زيد رضي الله عنه وله شاهد من حديث ابن مسعود بزيادة فيه أخرجه ابن ماجه وابن أبي عاصم في السنة "٣٤٦" والطبراني في الكبير والحاكم "١/ ٤١، ٤٢" والحديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>