للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ "تَهْضِبُ" أَيْ تُمْطِرُ والأصواء الْقُبُورُ والشربة بِفَتْحِ الرَّاءِ الْحَوْضُ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ الْمَاءُ وَبِالسُّكُونِ الْحِنْطَةُ, يُرِيدُ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ كَثُرَ فَمِنْ حَيْثُ شِئْتَ تَشْرَبُ وَعَلَى رِوَايَةِ السُّكُونِ يَكُونُ شَبَّهَ الْأَرْضَ بِخُضْرَتِهَا بِالنَّبَاتِ بِخُضْرَةِ الْحِنْطَةِ وَاسْتِوَائِهَا وَقَوْلُهُ حَسِّ كَلِمَةٌ يَقُولُهَا الْإِنْسَانُ إِذَا أَصَابَهُ عَلَى غَفْلَةٍ مَا يَحْرِقُهُ أَوْ يُؤْلِمُهُ, قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَهِيَ مِثْلُ أَوْهِ وَقَوْلُهُ يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ أَنَّهُ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى نَعَمْ وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ مَحْذُوفًا كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتُمْ كَذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ عَلَى مَا يَقُولُ والطوف الْغَائِطُ وَفِي الْحَدِيثِ لَا يُصَلِّ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُدَافِعُ الطَّوْفَ وَالْبَوْلَ والجسر الصِّرَاطُ وَقَوْلُهُ فَيَقُولُ رَبُّكَ مَهْيَمْ أَيْ مَا شَأْنُكَ وَمَا أَمْرُكَ وَفِيمَ كُنْتَ وَقَوْلُهُ يُشْرِفُ عَلَيْكُمْ أَزْلَيْنِ الْأَزْلُ بِسُكُونِ الزَّايِ الشِّدَّةُ وَالْأَزِلُ عَلَى وَزْنِ الْكَتِفِ هُوَ الَّذِي قَدْ أَصَابَهُ الْأَزْلُ وَاشْتَدَّ بِهِ حَتَّى كَادَ يَقْنَطُ وَقَوْلُهُ فَيَظَلُّ يَضْحَكُ هُوَ مِنْ صِفَاتِ أَفْعَالِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّتِي لَا يُشْبِهُهُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ كَصِفَاتِ ذَاتِهِ وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ لَا سَبِيلَ إِلَى رَدِّهَا كَمَا لَا سَبِيلَ إِلَى تَشْبِيهِهَا وَتَحْرِيفِهَا, وَكَذَلِكَ فَأَصْبَحَ رَبُّكَ يَطُوفُ فِي الْأَرْضِ هُوَ مِنْ صِفَاتِ فِعْلِهِ كَقَوْلِهِ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ} [الْفَجْرِ: ٢٢] {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} [الأنعام: ١٥٣] و"ينزل رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا, وَيَدْنُو عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْمَوْقِفِ الْمَلَائِكَةَ" ١ وَالْكَلَامُ فِي الْجَمِيعِ صِرَاطٌ وَاحِدٌ مُسْتَقِيمٌ إِثْبَاتٌ بِلَا تَمْثِيلٍ, وَتَنْزِيهٌ بِلَا تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٌ.

وَقَوْلُهُ وَالْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا أَعْلَمُ مَوْتَ الْمَلَائِكَةِ جَاءَ فِي حَدِيثٍ صَرِيحٍ إِلَّا هَذَا وَحَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ الطَّوِيلِ فِي الصُّورِ, وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزُّمَرِ: ٦٨] .

وَقَوْلُهُ فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ هُوَ قَسَمٌ بِحَيَاةِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ, وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْإِقْسَامِ بِصِفَاتِهِ وَانْعِقَادِ الْيَمِينِ بِهَا وَأَنَّهَا قَدِيمَةٌ وَأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ مِنْهَا أَسْمَاءُ


١ تقدما في أحاديث النزول في المجلد الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>