للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُعِلَتْ كَثِيبًا مَهِيلًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ شَامِخَةً طَوِيلَةً {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} [الْوَاقِعَةِ: ٦] غُبَارًا مُتَفَرِّقًا كَالَّذِي يُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ إِذَا دَخَلَ الْكُوَّةَ وَهُوَ الْهَبَاءُ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {هَبَاءً مُنْبَثًّا} كَوَهَجِ الْغُبَارِ يَسْطَعُ ثُمَّ يَذْهَبُ, فَلَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ١.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْهَبَاءُ يَطِيرُ مِنَ النَّارِ إِذَا اضْطَرَمَتْ, يَطِيرُ مِنْهُ الشَّرَرُ, فَإِذَا وَقَعَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا٢.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ الْمُنْبَثُّ الَّذِي قَدْ ذَرَتْهُ الرِّيحُ وَبَثَّتْهُ, وَقَالَ قَتَادَةُ هَبَاءً مُنْبَثًّا كَيَبِيسِ الشَّجَرِ الَّذِي تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ الْعِهْنُ الصُّوفُ, وَقَالَ الْبَغَوِيُّ كَالصُّوفِ الْمَصْبُوغِ, وَلَا يُقَالُ عِهْنٌ إِلَّا لِلْمَصْبُوغِ, وَقَالَ الْحَسَنُ كَالصُّوفِ الْأَحْمَرِ وَهُوَ أَضْعَفُ الصُّوفِ, وَقَالَ الْمَنْفُوشُ الْمَنْدُوفُ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ الْمَنْفُوشُ الَّذِي قَدْ شَرَعَ فِي الذَّهَابِ وَالتَّمَزُّقِ, وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {كَثِيبًا مَهِيلًا} أَيْ تَصِيرُ كَكُثْبَانِ الرَّمْلِ بَعْدَمَا كَانَتْ حِجَارَةً صَمَّاءَ, وَقَالَ الْبَغَوِيُّ رَمْلًا سَائِلًا قَالَ الْكَلْبِيُّ هُوَ الرَّمْلُ الَّذِي إِذَا أَخَذْتَ مِنْهُ شَيْئًا تَبِعَكَ مَا بَعْدَهُ يُقَالُ أَهَلْتُ الرَّمْلَ أُهِيلُهُ هَيْلًا إِذَا حَرَّكْتَ أَسْفَلَهُ حَتَّى انْهَالَ مِنْ أَعْلَاهُ وَقَالَ {نُسِفَتْ} قُلِعَتْ مِنْ أَمَاكِنِهَا, وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ ذَهَبَ بِهَا فَلَا يَبْقَى لَهَا عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ, وَقَالَ فِي {فَكَانَتْ سَرَابًا} أَيْ يُخَيَّلُ إِلَى النَّاظِرِ أَنَّهَا شَيْءٌ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ, وَبَعْدَ هَذَا تَذْهَبُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا عَيْنَ وَلَا أَثَرَ وَقَالَ فِي {وَتَسِيرُ الْجِبَالُ} تَذْهَبُ عَنْ أَمَاكِنِهَا وَتَزُولُ, {وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} [الْكَهْفِ: ٤٧] أَيْ بَادِيَةً ظَاهِرَةً لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لِأَحَدٍ وَلَا مَكَانٌ يُوَارِي أَحَدًا, بَلِ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ ضَاحُونَ لِرَبِّهِمْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ {وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} [الْكَهْفِ: ٤٧] لَا حَجَرَ فِيهَا وَلَا غَيَابَةَ, وَقَالَ قَتَادَةُ أَيْضًا لَا بِنَاءَ وَلَا شَجَرَ وَقَالَ الْبَغَوِيُّ {فَدُكَّتَا} كُسَرَتَا {دَكَّةً} كَسْرَةً


١ الحارث هو الأعور, متهم مع ضعفه وأبو إسحاق هو السبيعي.
٢ العوفي هو عطية, ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>