للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرَّحْمَنِ: ٢٦] قِيلَ إِنَّ الْمُرَادَ كُلُّ شَيْءٍ كُتِبَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ وَالْفَنَاءُ هَالِكٌ فَانٍ, وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ فِي سُورَةِ الزُّمَرِ, وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجَنَّةَ دَارُ مَقَامٍ وَسُرُورٍ وَسَلَامَةٍ وَالْمَوْتَ ضِدُّ ذَلِكَ فَكَيْفَ يُكْتَبُ عَلَى مَنْ فِيهَا مَوْتٌ وَكَذَا جَاءَ فِي الْعَرْشِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَأْخُذَ الصُّورَ مِنْ إِسْرَافِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ الصُّورِ الطَّوِيلِ وَقَوْلُهُ وَلِأَجْلِ هَذَا قَالَ جَهْمٌ إِنَّهَا عَدَمٌ إِلَخْ يَعْنِي أَنَّ لِجَهْمٍ إِلْحَادًا فِي آيَاتِ اللَّهِ جَمِيعِهَا, فَكَمَا أَلْحَدَ فِي آيَاتِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ أَلْحَدَ أَيْضًا فِي آيَاتِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَجَحَدَ وُجُودَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ الْآنَ, وَكَذَلِكَ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِيهِمَا وَقَضَى أَيْضًا بِفَنَائِهِمَا وَأَنَّهُمَا يَفْنَيَانِ وَمَنْ فِيهِمَا, وَذَلِكَ بِخِلَافِ النُّصُوصِ الْقَوِيمَةِ وَالْفِطَرِ الْمُسْتَقِيمَةِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ:

وَالْأَنْبِيَاءُ فَإِنَّهُمْ تَحْتَ الثَّرَى ... أَجْسَادُهُمْ حُفِظَتْ مِنَ الدِّيدَانِ إِلَخْ

يُشِيرُ إِلَى مَا فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ, فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ قُبِضَ, وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ, فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ, فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ قَالَ: "يَقُولُونَ بَلَيْتَ" قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ" ١.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَيْمَنَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَوْمٌ مَشْهُودٌ تَشَهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ, وَإِنَّ أَحَدًا لَا


١ رواه أحمد ٤/ ٨ وأبو داود ١/ ٢٧٥/ ح١٠٤٧ في الصلاة باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة والنسائي ٣/ ٩١ و٩٢ في الجمعة باب إكثار الصلاة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الجمعة, وابن ماجه ١/ ٣٤٥/ ح١٠٨٥ في إقامة الصلاة باب في فضل يوم الجمعة والدارمي ١/ ٣٦٩ في الصلاة باب في فضل الجمعة وابن حبان ٢/ ١٣٢ والحاكم في المستدرك ٤/ ٥٦٠ وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وقد صححه الدارقطني والنووي.

<<  <  ج: ص:  >  >>