يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى يَدِهِ مِنْ صَدْرِهَا وَمِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهَا وَجِلْدِهَا وَلَحْمِهَا وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى مُخِّ سَاقِهَا كَمَا يَنْظُرُ أَحَدُكُمْ إِلَى السِّلْكِ فِي قَصَبَةِ الْيَاقُوتِ, كَبِدُهَا لَهُ مِرْآةٌ وَكَبِدُهُ لَهَا مِرْآةٌ فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَهَا لَا يَمَلُّهَا وَلَا تَمَلُّهُ مَا يَأْتِيهَا مِنْ مَرَّةٍ إِلَّا وَجَدَهَا عَذْرَاءَ مَا يَفْتُرُ ذَكَرُهُ وَمَا تَشْتَكِي قُبُلَهَا, فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ نُودِيَ إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا أَنَّكَ لَا تَمَلُّ وَلَا تُمَلُّ, إِلَّا أَنَّهُ لَا مَنِيَّ وَلَا مَنِيَّةَ إِلَّا أَنَّ لَكَ أَزْوَاجًا غَيْرَهَا, فَيَخْرُجُ فَيَأْتِيهِنَّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً كُلَّمَا أَتَى وَاحِدَةً قَالَتْ لَهُ وَاللَّهِ مَا أَرَى فِي الْجَنَّةِ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْكَ وَلَا في الجنة شيئا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ. وَإِذَا وَقَعَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ وَقَعَ فِيهَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ رَبِّكَ أَوْبَقَتْهُمْ أَعْمَالَهُمْ, فَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ النَّارُ قَدَمَيْهِ وَلَا تُجَاوِزُ ذَلِكَ, وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى حَقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ جَسَدَهُ كُلَّهُ إِلَّا وَجْهَهُ حَرَّمَ اللَّهُ صُورَتَهُ عَلَيْهَا" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقُولُ "يَا رَبِّ شَفِّعْنِي فِيمَنْ وَقَعَ فِي النَّارِ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ فَيَخْرُجُ أُولَئِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الشَّفَاعَةِ فَلَا يَبْقَى نَبِيٌّ وَلَا شَهِيدٌ إِلَّا شَفَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَخْرِجُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ زِنَةَ دِينَارٍ إِيمَانًا فَيَخْرُجُ أُولَئِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ, ثُمَّ يُشَفَّعُ اللَّهُ تَعَالَى فَيَقُولُ أَخْرِجُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ إِيمَانًا ثُلُثَيْ دِينَارٍ, ثُمَّ يَقُولُ ثُلُثَ دِينَارٍ ثُمَّ يَقُولُ رُبُعَ دِينَارٍ ثم يقول قيراط ثُمَّ يَقُولُ حَبَّةً مِنْ خَرْدَلٍ فَيَخْرُجُ أُولَئِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ وَحَتَّى لَا يَبْقَى فِي النَّارِ مِنْ عَمَلٍ لِلَّهِ خَيْرًا قَطُّ وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ لَهُ شَفَاعَةٌ إِلَّا شَفَعَ, حَتَّى إِنَّ إِبْلِيسَ يَتَطَاوَلُ مِمَّا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى رَجَاءَ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ ثُمَّ يَقُولُ بَقِيتُ وَأَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيُدْخِلُ يَدَهُ فِي جَهَنَّمَ فَيَخْرُجُ مِنْهَا مَا لَا يُحْصِيهِ غَيْرُهُ كَأَنَّهُمْ حُمَمٌ فَيُلْقَوْنَ عَلَى نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ الْحَيَوَانِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ, فَمَا يَلِي الشَّمْسَ مِنْهَا أُخَيْضَرُ وَمَا يَلِي الظِّلَّ مِنْهَا أُصَيْفَرُ, فَيَنْبُتُونَ كَنَبَاتِ الطَّرَاثِيثِ حَتَّى يَكُونُوا أَمْثَالَ الذَّرِّ, مَكْتُوبٌ فِي رِقَابِهِمْ الْجُهَنَّمِيُّونَ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ, يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ, مَا عَمِلُوا خَيْرًا لِلَّهِ قَطُّ فَيَمْكُثُونَ فِي الْجَنَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ وَذَلِكَ الْكِتَابُ فِي رِقَابِهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا امْحُ عَنَّا هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute