وَحَمِيمِهَا وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الطَّوِيلِ فَيُقَالُ لَهُمْ "مَاذَا تَشْتَهُونَ" فَيَقُولُونَ "عَطِشْنَا فَيُشَارُ لَهُمْ إِلَى جَهَنَّمَ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا, فَيُقَالُ لَهُمْ أَلَا تَرِدُونَ"١ الْحَدِيثَ.
فَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ, كانوا فِي الدُّنْيَا عَلَى السَّوَاءِ يُرْزَقُونَ وَيَسِيرُونَ وَيَذْهَبُونَ وَيَجِيئُونَ, يُؤْتَاهَا مَنْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَمَنْ لَا يُحِبُّ, فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْمَوْتُ عَرَفَ كُلٌّ مِنْهُمْ سَبِيلَهُ وَاتَّضَحَ لَهُ مَقِيلُهُ فَلَمَّا كَانُوا فِي الْبَرْزَخِ خَلَا كُلٌّ مِنْهُمْ بِعَمَلِهِ وَأَفْضَى إِلَى مَا قَدَّمَ قَبْلَ أَجَلِهِ, فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ صَرَخَ بِهِمُ الصَّارِخُ وَصَاحَ بِهِمُ الصَّائِحُ فَخَرَجُوا مِنَ الْأَجْدَاثِ مُسْرِعِينَ وَإِلَى الدَّاعِي مُهْطِعِينَ, هَذَا عَلَى النَّجَائِبِ وَهَذَا عَلَى الرَّكَائِبِ, وَهَذَا عَلَى قَدَمَيْهِ وَهَذَا عَلَى وَجْهِهِ هَؤُلَاءِ فِي النُّورِ يَنْظُرُونَ وَأُولَئِكَ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ هَؤُلَاءِ إِلَى الرَّحْمَنِ يَفِدُونَ وَأُولَئِكَ إِلَى النَّارِ يَرِدُونَ هَؤُلَاءِ حُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا, وَأُولَئِكَ غُلُّوا بِالسَّلَاسِلِ وَعَلَتْهُمُ الزَّبَانِيَةُ بِالْمَقَامِعِ يَضْرِبُونَ بُطُونًا مِنْهُمْ وَظُهُورًا هَؤُلَاءِ وَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا, مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا, وَأُولَئِكَ أَعْتَدَ اللَّهُ لَهُمْ سَعِيرًا {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} هَؤُلَاءِ عَلَيْهِمْ حُلَلُ السُّنْدُسِ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَسَائِرِ الْأَلْوَانِ وَأُولَئِكَ مُقَرَّنُونَ فِي الْأَصْفَادِ سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ هَؤُلَاءِ إِلَى زِيَارَةِ رَبِّهِمْ يَرْكَبُونَ وَأُولَئِكَ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ هَؤُلَاءِ يَنْظُرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ بُكْرَةً وَعَشِيًّا وَأُولَئِكَ تُرِكُوا فِي جَهَنَّمَ جِثِيًّا هَؤُلَاءِ يَقُولُ لَهُمْ رَبُّهُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَأُولَئِكَ يَقُولُ لَهُمُ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النار هؤلاء يقرون بِذُنُوبِهِمْ فَيَغْفِرُهَا لَهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَأُولَئِكَ يُنَادِي بِهِمْ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ, فَحِينَئِذٍ ظَهَرَ الْفُرْقَانِ وَافْتَرَقَ الطَّرِيقَانِ, وَامْتَازَ الْفَرِيقَانِ, وَصَارَ الْغَيْبُ شَهَادَةً
١ تقدم تخريجه سابقا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute