للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكُونُ إِلَّا بِإِذْنِهِ لِلشَّافِعِ فِي الْمَشْفُوعِ حِينَ يَأْذَنُ فِي الشَّفَاعَةِ.

لَا كَمَا يَرَى كُلُّ قُبُورِيٍّ نِسْبَةٌ إِلَى الْقُبُورِ لِعِبَادَتِهِ أَهْلَهَا عَلَى الله افترى فيما يَنْسُبُهُ إِلَى أَهْلِ الْقُبُورِ وَيُضِيفُهُ إِلَيْهِمْ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي هِيَ مِلْكٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ تَعَالَى وَلَا شَرِيكَ لَهُ فِيهَا, وَرَتَّبُوا عَلَى ذَلِكَ صَرْفَ الْعِبَادَاتِ إِلَى الْأَمْوَاتِ وَدُعَاءَهُمْ إِيَّاهُمْ وَالذَّبْحَ وَالنُّذُرَ لَهُمْ دُونَ جَبَّارِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ, وَسُؤَالِهِمْ مِنْهُمْ قَضَاءَ الْحَاجَاتِ وَدَفْعِ الْمُلِمَّاتِ, وَكَشْفِ الْكُرُبَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ مُعْتَقِدِينَ فِيهِمْ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ دُعَاءَهُمْ وَيَسْتَطِيعُونَ إِجَابَتَهُمْ وَقَدْ تقدم كشف عوارهم وَهَتْكُ أَسْتَارِهِمْ بِمَا يَشْفِي وَيَكْفِي, وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

يَشْفَعُ أَوَّلًا إِلَى الرَّحْمَنِ فِي ... فَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَوْقِفِ

مِنْ بَعْدِ أَنْ يَطْلُبَهَا النَّاسُ إِلَى ... كُلِّ أُولِي الْعَزْمِ الْهُدَاةِ الْفَضْلَا

هَذِهِ الشَّفَاعَةُ الْأُولَى لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَهِيَ أَعْظَمُ الشَّفَاعَاتِ وَهِيَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ وَوَعَدَهُ إِيَّاهُ وَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ إِيَّاهُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, بَعْدَ كُلِّ أَذَانٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الْإِسْرَاءِ: ٧٩] حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا, كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا يَقُولُونَ يَا فُلَانُ اشْفَعْ, حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ١.

وَقَالَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَاتَّفَقَا فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ إِلَّا مَا يَزِيدُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْحَرْفِ بَعْدَ الْحَرْفِ, قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا بِلَحْمٍ فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً فَقَالَ: "أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَهَلْ تَدْرُونَ بِمَ ذَاكَ يَجْمَعُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي, وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ


١ البخاري ٨/ ٣٩٩ في التفسير باب قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} .

<<  <  ج: ص:  >  >>