قال إسحاق بن راهويه: لما خرج أحمد بن حنبل إلى عبد الرزاق انقطعت به النفقة، فأكرى نفسه من بعض الحمالين إلى أن وافى صنعاءَ، وقد كان أصحابه عرضوا عليه المواساة فلم يقبل من أحد شيئًا.
قال عبد اللَّه: كتب إلي الفتح بن شُخْرُف بخط يده أنه سمع عبد بن حميد يقول: سمعت عبد الرزاق يقول: قدم علينا أحمد بن حنبل هاهنا، فأقام سنتين إلا شيئًا، فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، خذ هذا الشيء فانتفع به، فإن أرضنا ليست بأرض متجر ولا مكسب، وأرانا عبد الرزاق كفَّه ومَدَّها فيها دنانير. فقال أحمد: أنا بخير. ولم يقبل مني.
قال عبد اللَّه: حدثني إسماعيل بن أبي الحارث قال: كان عندنا شيخ مروزي، فجاء إليه أحمد بن حنبل ثم خرج، فقلت له: في أي شيءٍ جاءك أبو عبد اللَّه؟ فقال: هو لي صديق وبيني وبينه أُنس، وتلكأ أن يخبرنا فألححنا عليه، فقال: كان استقرض مني مائتي درهم أو ثلاثمائة درهم، فجاءني بها، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، ما دفعتها وأنا أنوي أن آخذها منك.
قال محمد بن موسى بن حماد البربري: حُمل إلى الحسن بن عبد العزيز الجَرَوي ميراثه من مصر مائة ألف دينار، فحمل على أحمد ابن حنبل ثلاثة أكياس، في كل كيس ألف دنيار، فقال: يا أبا عبد اللَّه، هذِه من ميراث حلال خذها فاستعن بها على عائلتك. قال: لا حاجة لي فيها، فأنا في كفاية. فردها ولم يقبل منها شيئًا.