قال أبو جعفر أحمد بن محمد التُّسْتَري: كان غلام يختلف إلى أحمد ابن حنبل، فناوله يومًا درهمين فقال: اشتر بها كاغدًا، فخرج الغلام فاشترى له وجعل في جوف الكاغد خمسمائة دينار وشده وأوصله إلى بيت أحمد، فسأل أحمدُ أهلَ بيته: أحمل شيء من البياض؟ فقالوا: نعم، فوضع بين يديه، فلما أن فتحه تناثرت الدنانير، فردها في مكانها وسأل عن الغلام حتى دل عليه، فوضعه بين يديه، فتبعه الغلام وهو يقول: الكاغد اشتريته بدراهمك خذه، فأبى أن يأخذ الكاغد أيضا.
قال أبو جعفر بن ذريح العُكْبَري: طلبت أحمد بن حنبل في سنة ست وثلاثين ومائتين لأسأله عن مسألة، فسألت عنه فقالوا: إنه خرج يصلى خارجًا، فجلست له على باب الدرب حتى جاء، فقمت فسلمت عليه فرد عليّ السلام، فدخل الزقاق وأنا أماشيه، فلما بلغنا آخر الدرب إذا باب يفرج فدفعه وصار خلفه وقال: اذهب عافاك اللَّه، فالتفت فإذا مسجد على الباب وشيخ مخضوب قائم يصلي بالناس، فجلست حتى سلم الإمام، فخرج رجل فقلت: هذا الإمام من هو؟ قالوا: إسحاق عم أحمد بن حنبل.
قلت: فما له لا يصلي خلفه؟
فقال: ليس يكلم ذا ولا ابنيه لأنهم أخذوا جائزة السلطان.
قال إبراهيم بن مَتَّه السَّمَرْقَنْدي: سألت أبا محمد عبد اللَّه بن عبد الرحمن عن أحمد بن حنبل، قلت: هو إمام؟ قال: إي واللَّه، أحمد بن حنبل صبر على الفقر سبعين سنة.