عليها طعام، فجعلا يأكلان، وجعلت أتعلل حتى رفع المائدة، وأقاما إلى غد، وفي خلال ذلك يجيء ابن أبي دؤاد فيقول لي: يا أحمد يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول؟
فأقول له: أعطوني شيئًا من كتاب اللَّه أو سنة رسوله حتى أقول له.
فقال لي ابن أبي دؤاد: واللَّه لقد كتب اسمك في السبعة، فمحوته، ولقد ساءني أخذهم إياك، وإنه واللَّه ليس هو السيف، إنه ضرب بعد ضرب، ثم يقول لي: ما تقول؟
فأرد عليه نحوا مما رددت عليه، ثم يأتي رسوله، فيقول: أين أحمد بن عمار أخو الرجل الذي أنزلت في حجرته، فيذهب ثم يعود، فيقول: يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول؟
فأرد عليه نحوا مما رددت على ابن أبي دؤاد، فلا يزال رسله تأتي.
قال أحمد بن عمار -وهو يختلف فيما بيني وبينه- ويقول: يقول لك أمير المؤمنين: أجبني حتى أجيء فأطلق عنك بيدي.
قال: فلما كان في اليوم الثاني أدخلت عليه، فقال: ناظروه، كلموه.
قال: فجعلوا يتكلمون. هذا من هاهنا، وهذا من هاهنا، فأرد على هذا وهذا، فإذا جاؤوا بشيء من الكلام مما ليس في كتاب اللَّه ولا سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا فيه خبر ولا أثر، قلت: ما أدري ما هذا؟
فيقولون: يا أمير المؤمنين، إذا توجهت له الحجة علينا ثبت (١)، وإذا كلمناه بشيء يقول: لا أدري ما هذا.
فيقول: ناظروه، ثم يقول: يا أحمد، إني عليك شفيق.
(١) في "السيرة": توجهت عليه الحجة علينا وثب. والمثبت من "المناقب" لابن الجوزي ص ٤٠٣. وانظر: "حلية الأولياء" ٩/ ٢٠٠.