للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إن اللَّه عز وجل كتب الذكر" فقال المحتج علي: إن اللَّه خلق الذكر.

فقلت: حدثناه غير واحد: "إن اللَّه عز وجل كتب الذكر".

قال أبو عبد اللَّه: وما كان في القوم أرأف بي ولا أرحم من أبى إسحاق، فأما الباقون فأرادوا قتلي، وشاركوا فيه لو أطاعهم أو أجابهم إلى ذلك.

قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان القوم إذا انقطعوا عن الحجة، عرض ابن أبى دؤاد، فتكلم، فلما كان في اليوم الثاني من آخر النهار، قال لهم أبو إسحاق: انصرفوا. واحتبس عبد الرحمن بن إسحاق، فخلا بي وبعبد الرحمن، وقال أبو عبد اللَّه: واحتج أبو إسحاق علي بصالح الرشيدي، وكان مؤدبه، وكان صالح صاحب سنة، فقال لي أبو إسحاق: كان صالح في هذا الموضع جالسًا، وأشار إلى موضع من الدار، وتكلم بكلام في القرآن، فأمرت به فسحب ووطئ.

قال أبو عبد اللَّه: فقال له عبد الرحمن بن إسحاق: يا أمير المؤمنين، أنا وأحمد هذا، منذ ثلاثين سنة، نبدي طاعتكم والحج معكم والجهاد معكم، ولعله يجيب بعد ليلته.

فقال أبو إسحاق: واللَّه إنه لفقيه، واللَّه إنه لعالم، ولوددت أنه معي يصلح من شأني، فإن أجابني إلى ما أريد لأطلقن عنه. ثم قال لي: يا أحمد ويحك، لقد غمني أمرك ولقد أسهرت ليلي، ولولا أنك كنت في يدي من كان قبلي، ما عرضت لك، ولا امتحنت أحدًا بعدك، ولو أنه وراء حائطي هذا. ثم التفت إلي وقال: ويحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول له: يا أمير المؤمنين، ما أعطوني شيئا من كتاب اللَّه ولا سنة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فلما طال ذلك قام، فرددت إلى الموضع الذي كنت فيه، ووجه الرجلين الشافعي وغسان، فكانا معي فلما حضر الإفطار جيء بالطعام، فأكلا ولم آكل إلا تعللا، ولم آكل إلا الشيء الذي أقيم به رمقي من التلف، وجعلته عندي

<<  <  ج: ص:  >  >>